ﻣــﺮﺛـﻴﺔ .... " ودادي "
شبكه صوت الجنوب |خاص
ﻋﺎﻧﻘﺖ ﻧﻈﺮﺍﺗﻲ ﺟﻠﺴﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﺎﻣﺨﺔ، ﻭﻗﺪ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺳﻴﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ، ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﻈﺎﺭ ﻗﺎﺩﻡ ﻳﺄﺧﺬﻫﺎ.
ﺍﺭﺗﺪﺕ ﺛﻮﺏ ﺍﻟﺒﺴﺎﻃﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ ﺍﻟﺒﻬﺮﺟﺔ ﺇﻻ ﻣﻦ ﻭﺭﺩﺓ ﺗﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻋﻨﻘﻬﺎ؛ ﻟﺘﻀﻔﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﻮﺑﻬﺎ ﻣﺴﺤﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻝ.
فإذا ما طالعتها، ﻃﺮﻓﺘﻨﻲ ﺑﻌﻴﻨﻴﻬﺎ، ﻭﺭﺍﺣﺖ ﺗﻌﻘﺪ ﺃﺣﺰﻣﺘﻬﺎ ﻓﻮﻕ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻛﺬﺭﺍﻋﻴﻦ ﺗﻘﺎﺭﺑﺎ ﻟﻴﻌﺒﺮﺍﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺐ.
ﻭﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺟﺎﻟﺖ ﻋﻴﻨﺎﻱ تتفحصان ﺍﻷﻟﻮﺍﻥ، ﻏﻤﺰﻧﻲ ﺍلأخضر ﺑﺮﻗﻴّﻪ ﻭﺳﻴﺎﺩﺗﻪ :" ﺑﻞ ﺃﻧﺎ ".
ﺳﻤﻴﺘﻬﺎ ودادي؛ ﻟﺘﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻬﺎ ﻭﻫﻲ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻲ، ﻛﻲ ﻻ ﺗﻜﻮﻥ كـ صديقتها ﺍﻟﺘﻲ ﻗﻀﺖ ﻧﺤﺒﻬﺎ، ﻭﻟﻢ ﻳﺤﻞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻮﻝ.
ﺳﻤﻴﺘﻬﺎ ودادي، ﻷﻋﺰﻱ ﺑﻬﺎ ﻧﻔﺴﻲ، ﻓﺘﻮﺍﺳﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺭﺣﻴﻞ صديقتها ﺍﻟﺘﻲ ﻏﺎﺩﺭﺗﻨﻲ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﻠﻘﻲ ﻋﻠﻲّ ﻛﻠﻤﺔ ﻭﺩﺍﻉ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻋﺜﺮﺕ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﻬﺮﺏ! ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﺮﻗﺐ ﻟﺤﻈﺔ ﺧﻼﺻﻬﺎ! ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﺿﺎﻗﺖ ﺫﺭﻋﺎ ﺑﻤﻦ ﺍﺣﺘﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺃﺣﺴﻦ ﻣﻌﺎﻣﻠﺘﻬﺎ!
ﺳﻤﻴﺘﻬﺎ ودادي؛ ﻟﺘﻤﻸ ﺧﻠﻮﺗﻲ، ﻭﺗﺆاﻧﺲ ﻭﺣﺪﺗﻲ ﺣﻴﻦ ﺃﺧﻠﻮ ﻣﻊ ﺭﻭﺡ ﻣﻦ ﺑﻨﻲ ﺍﻟﺒﺸﺮ.
ﺃﺧﺸﻰ على ودادي ﺧﺸﻴﺔً ﺗﻔﻮﻕ ﺧﺸﻴﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ.
ﻛﻴﻒ ﻻ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺟﺪﻫﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﻣﻨﻲ!
ﺃﺷﺪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻳﻬﺎ ﺑﺈﺣﻜﺎﻡ، ﺣﻴﻦ ﻧﺬﺭﻉ ﺍﻟﺸﻮﺍﺭﻉ ﺳﻴﺮﺍ على اﻷﻗﺪﺍﻡ، ﻭﺗﻌﺰ ﻋﻠﻲّ ﻛﻠﻤﺎ ﺩﻧﺎ ﻣﻨﻲ ﺻﻮﺕ ﺩﺭﺍﺟﺔ ﻧﺎﺭﻳﺔ، ﻓﻤﺎ ﺃﺻﻮﺍﺕ ﺍﻟﺪﺭﺍﺟﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﺭﻳﺔ، ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﺇﻻ ﺟﺮﺱ ﺇﻧﺬﺍﺭ ﻳﻨﺒﻲ "ﺃﻥ ﻋﺰﻳﺰﺍ ﺳﻴﻔﺎﺭﻗﻨﻲ".
ﻻ ﺃﺧﺎﻑ ﻋﻠﻰ ودادي ﻣﻦ ﺭﺣﻴﻞ ﻣﻔﺎﺟﺊ، ﻓﻬﻲ ﺃﺭﻗﻰ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺨﺘﻠﺲ ﻟﺤﻈﺔ ﻫﺮﻭﺑﻬﺎ، ﻛﻤﺎ أن البشر وحدهم من يفعلون ذلك.
ﻣﺎ ﺃﺧﺸﺎﻩ ﻋﻠﻰ ودادي حقا ﺃﻥ يصيبها ﺃﺫﻯ يتسبب في خدش جمالها، فتصاب بندوب ﺃﻭﻋﺎﻫﺎﺕ ﺗﺠﺒﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﺧﺘﻔﺎء ﻗﺴﺮﺍ، ﻭقد ﺃﻛﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺮﺑﺔ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻻ ﺃﺣﺮﻙ ﻟﺬﻟﻚ ﺳﺎﻛﻨﺎ، ﺃﻭ ﺭﺑﻤﺎ ﺃﻛﻮﻥ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻴﻪ.
ﺧﻤسه أشهر ﻣﻀﺖ، ﻭودادي ﺃﻧﻴﺴﺘﻲ ﻓﻲ ﺣﻠﻲ ﻭﺗﺮﺣﺎﻟﻲ.
ﺧﻤسه اشهر ﻣﻀﺖ، ﻭﺟﺬﻭﺭ ﺻﺪﺍﻗﺘﻨﺎ ﺗﻤﺘﺪ ﻓﻲ ﺍﻷﻋﻤﺎﻕ.
ﺧﻤسه أشهر ﻭﻳﺰﻳﺪ ﻣﻀﺖ، ﻭودادي ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ودادي ﺑﺴﺤﺮﻫﺎ ﻭﺳﻴﺎﺩﺗﻬﺎ.
ولما اعتزمت أخذها، كانت ﻭﺍﺟﻬﺔ ﺍﻟﻤﺤﻞ ﺗﻤﻠﺆﻫﺎ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﺐ؛ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﺣﻘﻴﺒﺔ ﻣﺜﻞ ودادي!
ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺃﻳﻀﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟودادات؛ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎ ودادي ﻛﺬﻟﻚ ﻣﺜﻞ ودادي ! فقد حمت نفسها خلف لونها خشية من غريب يأخذها ولا يحسن معاملتها!.
ودادي، ﻟﻬﺎ ﺍﺳﻢ ﺗﻌﺮﻑ ﺑﻪ، ﻭﺑﻐﻴﺮ ﺍﺳﻢ ودادي ﻻ ﻳﺘﻌﺮﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻓﻬـﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﺠﺮﺩ حقيبه ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ!
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺗﻜﺸﻒ ﻋﻦ ﺳﺎﻗﻴﻬﺎ، ﻭﺻﺎﻻﺕ ﺍﻟﻤﻐﺎﺩﺭﺓ ﺗﻤﺘﻠﺊ ﻋﻦ ﺁﺧﺮﻫﺎ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﻓﺮﻳﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﺑﻼ ﻣﻮﺍﻋﻴﺪ ﻭﻻ ﺣﺠﻮﺯﺍﺕ ﻭﺩﻭﻥ ﻭﺩﺍﻉ ﺣﺘﻰ!
ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻣﺸﻤﺮﺍ ﻋﻦ ﺳﺎﻋﺪﻳﻪ، ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺃﻥ ﻣﻦ واجبي ﺃﻥ ﺃﺭﺛﻲ ودادي ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻄﺮﻕ ﺁﺫﺍﻧﻨﺎ ﺻﺎﻓﺮﺍﺕ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ!
ﻻ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﺒﻖ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻭﺃﺭﺛﻴﻬﺎ، ﻷﺟﻞ ﺃﻥ ﺃﻃﻔﺊ ﺟﻤﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺑﺾ ـ ﺣﺎﺷﺎﻧﻲ ﺫﻟﻚ ـ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺧﻴﺎﺭﻱ ﺍﻷﻓﻀﻞ.
ودادي ﺻﺪﻗﺖ، ﺣﻴﻦ ﺗﺨﻠﻒ ﻣﻦ ﻋﺪﺍﻫﺎ، ﻓﻬﻲ ﻣﺜﺎﻝ ﻳﺤﺘﺬﻯ ﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺤﺒﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎء والحب.
ودادي، ﺃﺭﺛﻴﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺭﺣﻴﻠﻬﺎ ﻷﻋﺰﻳﻨﻲ ﻓﻴﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﻣﻠﻠﺖ ﺍﻟﻌﺰﺍءﺍﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ.
ﻓﺎﻟﺮﺍﺣﻠﻮﻥ ﺣﻘﺎ ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺗﻰ ﻓﻲ ﻋﺰﺍﺋﻬﻢ، ﻭﻣﻦ ﺫﺭﻑ ﺍﻟﺪﻣﻊ ﻷﺟﻠﻬﻢ، ﻓﻀﻼ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻓﻮﺍ مكانتهم ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﺃﻭ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﻤﺼﺎﺏ ﺍﻟﺠﻠﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺎﺏ ﻣﺤﺒﻴﻬﻢ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﻛﻮﻫﻢ ﺧﻠﻔﻬﻢ ﻭﻏﺎﺩﺭﻭﺍ!
ﻏﺎﺩﺭﻭﺍ، ﻭﺃﻭﺭﺛﻮﺍ من ﺧﻠﻔﻬﻢ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﺍﻟﺪﻣﻮﻉ ﻭﺫﻛﺮﻳﺎﺕ ﺗﻤﺰﻕ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺑﺴﻴﺎﻃﻬﺎ!
ﻓﻤﺮﺛﻴﺘﻲ ﺃﺗﻴﺘﻚ ﺑﻬﺎ ﻳﺎ ودادي ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻷﺳﻠﻢ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻳﻚ ﻣﻴﺜﺎﻕ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ، ﻭﻋﻬﺪﺍ ﺑﺎﻟﻮﻓﺎء ﺑﺄﻥ
ﺃﺑﻘﻴﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﻴﺎﺩﺗﻚ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﻙ ﻟﻠﻘﺮﺏ ﺑﺎﻗﻴﺎ.
ﺃﺭﺛﻴﻚ ﻳﺎ ودادي ﻷﺟﺪﺩ ﺍﻟﻮﻻء ﺑﻴﻨﻨﺎ..
ﺃﺭﺛﻴﻚ ﻳﺎ ودادي، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻔﻴﺾ ﺭﻭﺡ ﺍﺣﺪﻧﺎ
ﺃﺭﺛﻴﻚ ﻳﺎ ودادي ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﺮﺍﻕ، ﺗﺤﺴﺒﺎ..
_____________جمال المحرابي
التعليقات على الموضوع