كوارث النصر في الجنوب سأتحدث عن الانتصار الأول لمعركة الجنوب مع الشمال في 79
شبكه صوت الجنوب
كتب/الباركي الكلدي
كوارث النصر في الجنوب
سأتحدث عن الانتصار الأول لمعركة الجنوب مع الشمال في 79
والذي حقق فيها الجيش الجنوبي انتصارا عظيماً على النظام الشمالي بقيادة وزير الدفاع علي عنتر
في تلك الأحداث زحف الجيش الجنوبي على مناطق الشمال وأصبح الخط سالكا للوصول إلى صنعاء واسقاط نظامها
بعد أن سيطر على أهم المواقع وكانت تنسده حينها الجبهة الوطنية المعارضة داخل الشمال
نستذكر تلك الأحداث لنأخذ منها التحليل والمفهوم لواقع أحداث اليوم
اضع لكم الحديث هنا لأحد قيادات الحزب الاشتراكي المتحدث عن تلك الهزيمة وكيف تم التخلي على الجنوب وتحويل النصر إلى كارثة في اغتيال أهم وأبرز رؤساءه وقيادته
الحدث لجار الله عمر
قال عن معركة 79
هُزم الجيش الشماليّ وتشتّت شمله في الشّمال، وأصبحت الّطرق سالكةً إلى صنعاء. ولكنْ حدَثَ ما يشبه التدخّل الإقليميّ والدوليّ الرّافض لنتائج الحرب في أيّامها الأولى، ووقفت جميع الدّول الإقليميّة والعربيّة والدوليّة إلى جانب حكومة علي عبد الله صالح في صنعاء. واتّخذت جامعة الدّول العربيّة قراراً بوقف إطلاق النّار ولعبت المملكة العربيّة السعوديّة والعراق وسورية دوراً في اتخاذ ذلك القرار. واستعدّ الجيش العراقيّ والسوريّ للتّدخّل حيث كانت الحكومتان العراقيّة والسورية على وئام في تلك المرحلة وفُرض قرار وقف إطلاق النّار والحيلولة دون هزيمة الشّمال، وانتصار الجنوب في المعركة. وعملت الولايات المتّحدة الأميركيّة بطلب وتمويل من السعوديّة على إرسال السّلاح والمعدّات والذّخائر إلى صنعاء على وجه السّرعة، ودفعت السعوديّة ثمن الصّفقة. لكنّ الموقف الأكثر مفاجأةً وتأثيراً في مجرى الأحداث كان الموقف السوفييتيّ، حيثّ أرسلت القيادة السوفييتيّة في موسكو إنذاراً سريعاً إلى حكومة عدن يطالبها بإيقاف إطلاق النّار فوراً، وأبلغت موسكو حكومة عدن أنّ القيادة السوفييتيّة تعارض بقوّة إسقاط حكومة صنعاء.
لماذا؟ على اعتبار أنّ ذلك يهدّد السّلام العالميّ. ويبدو أنّه كان هناك تفاهم بين الاتّحاد السوفييتيّ وأميركا على ضمان استمرار الأوضاع القائمة في اليمن كما كانت عليه، وأنّ ذلك فرضٌ للتّفاهم لأنّ الشّمال كان منطقة نفوذ غربيّة والجنوب منطقة نفوذ شرقيّة، ولا بدّ من الحفاظ على الوضع القائم وإعادته إلى ما كان عليه. وقد أشفعت القيادة السوفييتيّة موقفها بموقف عمليّ تَمثّل بوقف تزويد جيش الجنوب بصورة فوريّة. ولمّا كان الاتّحاد السوفييتيّ هو المصدر الوحيد لتسليح الجيش الجنوبيّ فقد كان لهذا الضّغط تأثير حاسم في مجرى الحرب، خصوصاً بعدما نفدت الذّخائر، وبالذّات قذائف المدفعيّة والطّيران التي فرغت منها مخازن الجيش في الجنوب، وليس من مصدرٍ لتعويض ما نفد من الاتحاد السوفييتيّ. وكان الموقف السوفييتيّ مؤثّراً في الدّول الأخرى مثل كوبا وألمانيا الشرقيّة والصّين حيث التزموا بالموقف السوفييتيّ. وكان اتفاق الأميركان والرّوس قد أثّر في الصّين وغيرها، وكان للصّين سياسة خاصّة «لا مع السّوفييت ولا مع أميركا». ويبدو أنّ الأميركان أبلغوا السّوفييت أنّه في حال استمرار الحرب وعدم توقّف زحف الجيش الجنوبيّ نحو الشّمال فإنّ هذا سوف يقود إلى صراع بين القوّتين، وأنّ هذا خرق للتّفاهم بينهما.
أمّا لماذا لم تحْكِ القيادة الجنوبيّة مع الاتّحاد السوفييتيّ قبل الحرب؟ فلأنّهم كانوا يخشون بل كانوا يعرفون أنّ السّوفييت سيعارضون الحملة العسكريّة، كونهم ملتزمين ببقاء نظامين في اليمن. بل كان السوفييت يعارضون حتّى نضال الجبهة الوطنيّة. ولهذا لجأت القيادة في عدن إلى وضع السّوفييت أمام الأمر الواقع ولم تفلح سياسة الأمر الواقع، فقد اتّخذ السّوفييت قراراً حاسماً ولا رجعة عنه. وزاد في الطّين بلّة أنّ فروع الأحزاب المدنيّة في الشّمال كانت تعمل على عقْد مؤتمرات لتوحيد نفسها وتعرّض قياداتها وأعضائها للاعتقالات. وهذا ما أربك فصائل المعارضة وبالذّات أجنحتها المدنيّة.
في ذلك الوقت، اجتمعت القيادة السياسيّة والعسكرية في الجنوب بقيادة الأمين العامّ عبد الفتاح إسماعيل وفي حضور علي ناصر محمد وعلي عنتر وصالح مصلح، أبرز القادة. وحضرتُ أنا أيضاً. أبلغنا عبد الفتاح بالتّطوّرات السياسيّة وبالموقف السوفييتي والعربي، واقترح على المجتمعين أن تقبل الدّولة في الجنوب وقف إطلاق النّار كموقف لا حياد عنه، والتّفاوض على مرحلة ما بعد الحرب. وهنا انقسم المجتمعون بين مـؤيّد ومعارض، وكنت أنا من بين المعارضين لوقف إطلاق النار، وهو الموقف الّذي اتّخذه أيضاً ممثلّو الجبهة الوطنيّة الدّيمقراطيّة والمقاتلون في الشّمال. أمّا القيادات الجنوبيّة فقد اعترض على الاقتراح من بينها كلٌّ من الشهيد علي عنتر الذي كان وزير الدفاع حينها، ووزير الداخليّة صالح مصلح قاسم وبعض القادة العسكريّين. لكنّ عبد الفتّاح حصل على تأييد باقي أعضاء المكتب السياسيّ من المدنيّين في الجنوب، وعندما اضطرب الموقف سُئل مسؤولو التّموين في الجنوب عمّا إذا كان لديهم ذخائر، فكان الجواب أنّ الذّخائر قد نفدت! وتحت إلحاح عبد الفتّاح الّذي كان رئيس مجلس الرئاسة والأمين العامّ للحزب، وافق المجتمعون على مقترح وقف إطلاق النّار. عارضتُ القرار واعتبرته نكسةً خطيرة بل أُصبت بالإحباط. لكنّ الواضح أنّ المنطق وحسابات المعركة المادّية والمنطقيّة كانت تقف إلى جانب عبد الفتاح إسماعيل والقيادة المدنيّة، وأنّ البديل الوحيد لتجنّب هزيمة عسكرية هو القبول بالضّغط الدّوليّ والعربي لوقف إطلاق النّار.
#الباركي_الكلديالاشتراكي المتحدث عن تلك الهزيمة وكيف تم التخلي على الجنوب وتحويل النصر إلى كارثة في اغتيال أهم وأبرز رؤساءه وقيادته
الحدث لجار الله عمر
قال عن معركة 79
هُزم الجيش الشماليّ وتشتّت شمله في الشّمال، وأصبحت الّطرق سالكةً إلى صنعاء. ولكنْ حدَثَ ما يشبه التدخّل الإقليميّ والدوليّ الرّافض لنتائج الحرب في أيّامها الأولى، ووقفت جميع الدّول الإقليميّة والعربيّة والدوليّة إلى جانب حكومة علي عبد الله صالح في صنعاء. واتّخذت جامعة الدّول العربيّة قراراً بوقف إطلاق النّار ولعبت المملكة العربيّة السعوديّة والعراق وسورية دوراً في اتخاذ ذلك القرار. واستعدّ الجيش العراقيّ والسوريّ للتّدخّل حيث كانت الحكومتان العراقيّة والسورية على وئام في تلك المرحلة وفُرض قرار وقف إطلاق النّار والحيلولة دون هزيمة الشّمال، وانتصار الجنوب في المعركة. وعملت الولايات المتّحدة الأميركيّة بطلب وتمويل من السعوديّة على إرسال السّلاح والمعدّات والذّخائر إلى صنعاء على وجه السّرعة، ودفعت السعوديّة ثمن الصّفقة. لكنّ الموقف الأكثر مفاجأةً وتأثيراً في مجرى الأحداث كان الموقف السوفييتيّ، حيثّ أرسلت القيادة السوفييتيّة في موسكو إنذاراً سريعاً إلى حكومة عدن يطالبها بإيقاف إطلاق النّار فوراً، وأبلغت موسكو حكومة عدن أنّ القيادة السوفييتيّة تعارض بقوّة إسقاط حكومة صنعاء.
لماذا؟ على اعتبار أنّ ذلك يهدّد السّلام العالميّ. ويبدو أنّه كان هناك تفاهم بين الاتّحاد السوفييتيّ وأميركا على ضمان استمرار الأوضاع القائمة في اليمن كما كانت عليه، وأنّ ذلك فرضٌ للتّفاهم لأنّ الشّمال كان منطقة نفوذ غربيّة والجنوب منطقة نفوذ شرقيّة، ولا بدّ من الحفاظ على الوضع القائم وإعادته إلى ما كان عليه. وقد أشفعت القيادة السوفييتيّة موقفها بموقف عمليّ تَمثّل بوقف تزويد جيش الجنوب بصورة فوريّة. ولمّا كان الاتّحاد السوفييتيّ هو المصدر الوحيد لتسليح الجيش الجنوبيّ فقد كان لهذا الضّغط تأثير حاسم في مجرى الحرب، خصوصاً بعدما نفدت الذّخائر، وبالذّات قذائف المدفعيّة والطّيران التي فرغت منها مخازن الجيش في الجنوب، وليس من مصدرٍ لتعويض ما نفد من الاتحاد السوفييتيّ. وكان الموقف السوفييتيّ مؤثّراً في الدّول الأخرى مثل كوبا وألمانيا الشرقيّة والصّين حيث التزموا بالموقف السوفييتيّ. وكان اتفاق الأميركان والرّوس قد أثّر في الصّين وغيرها، وكان للصّين سياسة خاصّة «لا مع السّوفييت ولا مع أميركا». ويبدو أنّ الأميركان أبلغوا السّوفييت أنّه في حال استمرار الحرب وعدم توقّف زحف الجيش الجنوبيّ نحو الشّمال فإنّ هذا سوف يقود إلى صراع بين القوّتين، وأنّ هذا خرق للتّفاهم بينهما.
أمّا لماذا لم تحْكِ القيادة الجنوبيّة مع الاتّحاد السوفييتيّ قبل الحرب؟ فلأنّهم كانوا يخشون بل كانوا يعرفون أنّ السّوفييت سيعارضون الحملة العسكريّة، كونهم ملتزمين ببقاء نظامين في اليمن. بل كان السوفييت يعارضون حتّى نضال الجبهة الوطنيّة. ولهذا لجأت القيادة في عدن إلى وضع السّوفييت أمام الأمر الواقع ولم تفلح سياسة الأمر الواقع، فقد اتّخذ السّوفييت قراراً حاسماً ولا رجعة عنه. وزاد في الطّين بلّة أنّ فروع الأحزاب المدنيّة في الشّمال كانت تعمل على عقْد مؤتمرات لتوحيد نفسها وتعرّض قياداتها وأعضائها للاعتقالات. وهذا ما أربك فصائل المعارضة وبالذّات أجنحتها المدنيّة.
في ذلك الوقت، اجتمعت القيادة السياسيّة والعسكرية في الجنوب بقيادة الأمين العامّ عبد الفتاح إسماعيل وفي حضور علي ناصر محمد وعلي عنتر وصالح مصلح، أبرز القادة. وحضرتُ أنا أيضاً. أبلغنا عبد الفتاح بالتّطوّرات السياسيّة وبالموقف السوفييتي والعربي، واقترح على المجتمعين أن تقبل الدّولة في الجنوب وقف إطلاق النّار كموقف لا حياد عنه، والتّفاوض على مرحلة ما بعد الحرب. وهنا انقسم المجتمعون بين مـؤيّد ومعارض، وكنت أنا من بين المعارضين لوقف إطلاق النار، وهو الموقف الّذي اتّخذه أيضاً ممثلّو الجبهة الوطنيّة الدّيمقراطيّة والمقاتلون في الشّمال. أمّا القيادات الجنوبيّة فقد اعترض على الاقتراح من بينها كلٌّ من الشهيد علي عنتر الذي كان وزير الدفاع حينها، ووزير الداخليّة صالح مصلح قاسم وبعض القادة العسكريّين. لكنّ عبد الفتّاح حصل على تأييد باقي أعضاء المكتب السياسيّ من المدنيّين في الجنوب، وعندما اضطرب الموقف سُئل مسؤولو التّموين في الجنوب عمّا إذا كان لديهم ذخائر، فكان الجواب أنّ الذّخائر قد نفدت! وتحت إلحاح عبد الفتّاح الّذي كان رئيس مجلس الرئاسة والأمين العامّ للحزب، وافق المجتمعون على مقترح وقف إطلاق النّار. عارضتُ القرار واعتبرته نكسةً خطيرة بل أُصبت بالإحباط. لكنّ الواضح أنّ المنطق وحسابات المعركة المادّية والمنطقيّة كانت تقف إلى جانب عبد الفتاح إسماعيل والقيادة المدنيّة، وأنّ البديل الوحيد لتجنّب هزيمة عسكرية هو القبول بالضّغط الدّوليّ والعربي لوقف إطلاق النّار.





التعليقات على الموضوع