الحاكم العربي لايهمه شعبه ولو تحول كلّه إلى متسولين وإلى جثث بلا روح !
البلاد العربية حباه الله بصفات ومميزات وخصائص ، قلماتجدها في أرض أخرى من أراضي الله الواسعة ، فهي مهبط الرسالات السماوية الثلاث ، الإسلام المسيحية اليهودية ، ترعرعت ونمت في هذه الأرض المباركة ، ثم انتشرت إلى العالم لتنشر الإيمان والحب والسلام والوئام بين شعوب العالم كله ، كما حباها الله أيضا بموقع جفرافي استراتيجي هام في وسط العالم القديم والجديد ، وبثروات هائلة تختزنها أراضي العرب ، في بحارها ،وفي باطن أرضها ، ولذلك كانت بلاد العرب محورا لصراع بين القوى المتنافسة والمتصارعة قديماً وحديثاً، وقد وقعت معظم بلاد العرب تحت الهيمنة الاستعمارية الغربية بعد الحرب العالمية الأولى وهزيمة تركيا في هذه الحرب ، التي كانت مسيطرة على العالم العربي ، والإسلامي ، وعرفت بالرجل المريض ، ولاسيما بين البريطانيين والغرنسيين وفقا لاتفاقية سايكس - بيكو المشؤومة عام ١٩١٦ م ، التي فضحتها الثورة البلشفية في روسيا عام ١٩١٧ م ، وظلت البلاد العربية ردحا طويلا من الزمن تحت الهيمنة الاستعمارية الغربية ، يتحكم هؤلاء المستعمرون الأوروبيون في مصير هذه الشعوب وفي ثرواتها ، وفي كل كبيرة وصغيرة ، وخلّف الإستعمار تركة ثقيلة من الجهل والتخلف والفقر والمرض والأمية والبطالة في هذه البلدان ، حتى جاءت ثورات التحرر العربي المدعومة من الإتحاد السوفيتي ، في خمسينات القرن العشرين ، فكانت ثورة يوليو عام ١٩٥٢ م في مصر ، ثورة عبد الناصر ، التي شكلت سندا قوياًلكل الثورات العربية التحررية ، ثم تبعتها قيام العديد من الثورات ، في العراق في سوريا ، في اليمن ،في ليبيا في الجزائر وغيرها من البلاد العربية ، بعضها اتخذت طابع الكفاح المسلح ، الحرب الشعبية ، كما هو الحال في الجنوب والجزائر ، والبعض الأخر اتخذت طابع الإنقلابات العسكرية ، كماهو الحال في مصر ، في ليبيا ، العراق ، سوريا ، شمال اليمن ، وبعض الدول العربية حصلت على استقلالها سلميا ، كدول الخليج ، وأقيمت في معظم هذه البلدان أنظمة وطنية و جمهورية ، تقلدت السلطة فيها قيادات وطنية شابة ، سواء في تلك البلدان التي حدثت فيها الإنقلابات العسكرية ، أو تلك التي جاءت عن طريق الثورات الشعبية ، مليئة بالحماس والثورية ، تنقصها الخبرة والتجربة ، أرهقت هذه القيادات بلدانها وشعوبها في الصراعات البينية التنافسية على السلطة فيما بينها ، فكان كل مايهم هذه القيادات هو الاحتفاظ بالسلطة وتوريثها لأبنائهم ، بأي شكل كان ، فبنوا أجهزة قمعية بأسماء مختلفة ، ولم يعملوا بجدية وإخلاص من أجل القضاء على التركة الثقيلة ، التي تركها المستعمر ، فلم يَبنوا قاعدة صناعية وإنتاجية ، لتطوير بلدانهم وتشغيل شبابهم للقضاء على البطالة والفقر ، أو القيام بمشاريع زراعية ، وتطوير الزراعة في بلدانهم ، مستفيدين من توفر الأراضي الزراعية الخصبة والمياه ، من أجل تحقيق الإكتفاء الذاتي من الغذاء ، بدل الاعتماد على الخارج ، كما فشلت هذه الحكومات ، في بناء شبكة واسعة ومتطورة من الخدمات ، صحيا ، يلاحظ أن كثيرا من البلدان العربية التي نالت استقلالها من المستعمر ، يفتقد مواطنوها إلى الرعاية الصحية السليمة المجانية ، ويظطرون إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج ، كماتنتشر فيها الحميات والأمراض ، التي تفتك بالعشرات من المواطنين ، تعليمياً: فقد فشلت حكومات هذه البلدان في بناء مؤسسات تعليمية متطورة تستجيب ، لتطلعات المواطن العربي ، للقضاء على عهود الظلام والجهل التي تركها المستعمر ، وإنشاء تعليم جامعي متقدم ، مثل ماهو موجود في جامعات العالم ، بل عجزت هذه الحكومات عن تخصيص ميزانيات ثابتة للبحث العلمي ، فجاءت الجامعات العربية حسب التصنيف العالمي ، في مستوى متدني جدا ، مقارنة بجامعات الدول الأخرى ، ولاسيما جامعات الكيان الصهيوني .أما ما يتعلق بخدمات المياه والكهرباء ، على الرغم من أهمية هذه الخدمة وحيويتها ، فإن قطاعات واسعة من المواطنين ، محرومون منها وخاصة في الأرياف ، وحتى المدن وإن توفرت ، فهي في أسوأ حالاتها وفي تقطع مستمر ، ولاتفي بالنمو المستمر لهذه المدن وماتحتاج إليه من طاقة ومياه .
أماعلى الصعيد الإقتصادي ، فكان هدف الثورات العربية ، تحسين المستوى المعيشي للمواطن العربي والقضاء على الفقر والبطالة ، وانهاء التبعية الإقتصادية للمستعمر ، للأسف الشديد زاد عدد الفقراء واتسعت مساحته أكثر ، ووجد طابور طويل من المتسولين ، في دور العبادة ، وفي الأسواق والطرقات ، في مناظر مؤثرة ومؤلمة حقا ، وقد زادت معاناة المواطن العربي الغلبان أكثر ، بسبب الصراعات والحروب التي تشهدها بلدانهم ، والتي أدت إلى تشريد الآلاف من المواطنين من بيوتهم ، وفقدانهم لمصادر رزقهم .
لقد كان في مقدور الحاكم العربي ، معتمدا على هذه الثروات التي تختزنها بلاده ، أن يجعل من بلاده لافقر ولافقراء ، يتوفر التعليم والعلاج المجاني للجميع ، لا مشاكل ، لاثورة ، لاشعارات ، ارحل ارحل ، لكن حب السلطة لديه واعتماده على الفاسدين والمطبلين والمنافقين من حوله ، وسرقة ثروات شعبه ، وبناء جيش جرّار ، ليس من أجل تحرير فلسطين والمسجد الأقصى من قبضة الصهاينة ، بل من أجل كرسي الحكم ، الذي أعمى بصيرته ، وجعله يتمسك بالسلطة بقوة ، وعندما ثار الشعب عليه ، من أجل أن يعيش حراً كريما ، لايهدده الجوع والفقر ، متمتعا برعاية صحية وتوفر مدارس لأبنائه ، ويعيش آمنا على نفسه وماله وعرضه ، ضربه بقوة وعنف ، مستخدما كل أنواع الأسلحة لقتل شعبه حتى المحرمة منها ، كالبراميل المتفجرة ، الأسلحة الكيميائية ، ، ارتكاب المجازر ضد الشباب العزل بدم بارد ، هكذا هو حال الحاكم العربي ، لايهمه شعبه ، حتى ولو تحول كله إلى متسولين وإلى جثث بلا روح .
الأستاذ / فرج عوض طاحس
سيؤن / حضرموت
الخميس الثامن عشر من أبريل 2019 م
الثالث عشر من رجب 1440 هجرية .
التعليقات على الموضوع