من قصص الجبهة: لقاء جمعني صدفةً بمعلمي في الإبتدائية بعد 25 سنة مضت
شبكه صوت الجنوب
فؤاد قائد جباري: السبت 17 تشرين أول/اكتوبر 2020م
ذات يوم في الجبهة كنت في أحد التغطيات الإعلامية، التقيت بالصدفة بأحد أهم أساتذتي في الإبتدائية، لم نتعرف على بعض بسبب أن 25 سنة مرت ولم نلتقي بسبب تحويله حينها للتدريس في منطقة أخرى، لانه كان فقط منتدب للتدريس في منطقتنا، ولكوني طفل وقتها انقطعت أخباره وغابت عني ملامحه حتى.
أجريت معه اللقاء وأنا استمع لحديثه وإذ بالصوت ليس بغريب، هذا الصوت أعاد بالذكريات إلى 25 سنة مضت وهو صوت الإستاذ القدير "محسن سعيد" عندما كنت أسمعه في الفصل وهو يشرح الدرس، مع أنه يبدو شاحباً قليلاً لكنه لازال يحمل نفس النبرات.
شرد ذهني متعمقاً بنبرات الصوت أكثر من تركيزي على الموضوع الذي يتحدث عنه، وكل نبرة تعود بالذكريات أكثر وأكثر، وعندما أكمل حديثه سألته ”أأنت الاستاذ محسن“ قال ”نعم“، عندها لم أتمالك نفسي واغرقت الدمع عيني ثم سلمت عليه مرة أخرى وذكرته باسمي والفصل والمادة التي درسني أياها، وما زاد المشهد دهشةً هو رؤيتي له وهو يتحدث بإنه فخور وإنه سعيد جداً من أنه يرى أجيال تخرجت على يده وتعمل في الميدان.. يتحدث وفي صوته نبرة سعادة وفي العين ثمة دمعة فرح تكاد أن تذرف لتحكي عما بداخله.
كانت لحظات جداً سعيدة ومبكية في نفس الوقت بالنسبة لي: سعيد بانني التقيت بأحد من تتلمذت على أيديهم في الإبتدائية بعد هذه السنين الطويلة دونما موعد، وكتب لي القدر أن أسلم عليه بعد كل هذه المدة وقد تخرجت من الجامعة، وحزينة ومبكية أن هذا المعلم والمربي والإستاذ لازال حاله هو هو إن لم يكن ذهب إلى الأسوأ، وهذه واقع حال بقية المعلمين الذين لم تشفع لهم مهنتهم المقدسة والعظيمة ولم تشفع لهم سنين الخدمة من أن يعطوا كامل حقوقهم.
لكن في المقابل ومن جانب آخر كنت فخوراً أيضاً بعظمة الموقف، وهو أننا متواجدين في الجبهة إستاذ وتلميذه معاً، نحمل نفس الأهداف والمواقف في الدفاع والذود عن الأرض والدين والكرامة،،، فمن لم يكن له وطن فما الذي يملكه إذاً..!
لايسعني في هذا المقام إلا أن أوجه شكري وتقديري وامتناني وعظيم تحياتي للإستاذ محسن وكل الإساتذة والمعلمين الذين تتلمذت وتعلمت على أيديهم من الإبتدائية وحتى الجامعة، كما هي لكل المعلمين والمعلمات والعاملين والعاملات في هذا الحقل المقدس الشريف والنبيل في الجنوب وفي كل مكان، لهم منا أزكى التحايا وجزيل الشكر والعرفان.
التعليقات على الموضوع