إلى أن يستفيق الجنوب من الصدمة.
شبكه صوت الجنوب
منصور الصبيحي
إن لم نسنصنع من حاضرنا جناح لنطير نحو المستقبل المشرق، انطلاقا من الحاضر، أكيد سيكون مستقبلنا يمتمخض من الماضي الداجن، بكل تفاصيله المملة والرتيبة، ذات الدرب الطويل الذي اختزل وما زال يختزل أحلام وأمنيات الكثير منا ويرمي بها وعلى مدى ومايقارب ثلاثون عام في اتون مسلك يعصره الأخفاق والفشل من نقطة العبور، إلىالفضاء الرحب الغير المتاح لنا.
مشهد متشعب ومتشبع بالرعب والمتاعب، يرتسم من بين ثنايا الحزن القائم صورة الضحية والجلاد. لفصل من مسرحية بطلها يسير ويعزف على حطام ومشاعر رمزية أوتار الوطن المغيب في أعماقه ماضيا وحاضر .
ماضيا مرتهنا لقاء سفور الأحرار وخروجهم عن بيت الأذعان والطاعة. وحاضر. أُستحضرا من بين طلاسم الفجر المستباح، تجسده وفي هذا المرحلة بالذات، دموع الثكالى والأيتام والمعدمين، بل ودموع شعب الجنوب بأسره، الذي وإلى يومنا، يأن تحت وطئة الخديعة الملازمة نفوس الجميع، بحرقة لا تحتمل ولا تنطفئ، ولن يكون لنا منها بدا بإسقاطها، حتى نستيقظ من غفلتنا، ونسيطر على مداخل الخوف واليأس والفتور فينا، ونقطع اخر دُبره بطموح وهمة عالية، تلامس سمو هدف المصير .
وحتى لا يتكرر بعثنا، من بين وتحت الركام، كمثل ما قد بعثنا كل مرة، نصعد نضمد جراحنا فرحين متفأئلين، نزغرد، ونرتب، ونكنس، لنزيل قبح الهزيمة من داخل أعماقنا، نمضي نبعثر بين بخور الموت المعمد بألمأسي والألام، نبحث بداخله عن حياة، يحدو بنا الأمل نحو السلامة ولكن لانستطيع تأكيدها على الأرض من اجل الإنسان الجنوبي البسيط. إلى أن خارت قوانا، وأنحطت عزيمتنا، وسلمنا بمشاركة الغير البعيد والغريب للأمساك بالراية بطبيبة نفس عنا، وبقناعة لم تحسب حساب الخديعة، لينفرد الغير ويأخذ الجمل وبما حمل، ونحن ما زال في نفوسنا وعقولنا تعلق وطرب، وفى قلوبنا حنين وحنين. حتى عزمنا وأصرينا لأستعادة حلمنا( الراية) ولأستعادة أيام أمجادنا الغابرة لنقوم على التو، نصارع من اجل ذلك شمالا ويمين، ولكن لانجد من أمامنا، وخلفنا، ألا البحر المتلاطم الأمواج، حتى يكاد أن تنحني، تحت ضربات عباب موجه سفينتنا.
كل هذا فقط كي نبقى على مألوفنا مداومين من غير راسين على بر أمان، ونبقى مواصلين طريق بدأناه بالتراضي، وصرنا مغصوبين أن نجبل عليه ولانغادره. هذا ومن اجل أن لا يلوح في الأفق، نجما نراه لنهتدي به لما يمنحنا الأمل أننا سنفيق يوما من مشهد الصدمة، ونفتح باب نتذكر ونطل من خلاله، على عشق ألإنسان للمكان. عشق لم يعد خفي على الجميع، ولا يستطيع احد أن ينتزعه من بين الحنايا والضلوع. عشقا قد غادر مربع الخوف والصمت والأسرار وصعد إلى مركب المكاشفة والمقاومة وأخذ بالبوح والكلام. لكن وبالرغم من ذلك، لم يتسع له العبور ليضمه المكان والزمان، فهنا وهناك الكم الكثير من العذال والحساد، يقف قصاده وفي طريقه مترقبون له ليفسدوا عليه مطلب التلاقي. لكنه يمضي مسرعا غير متباطى، مصرا على تحقيق مطلبه، في الضفر، تمكينا للحب والأمان والسلام.
التعليقات على الموضوع