شبكه صوت الجنوب

ads header

ذئب الانتقالي ورحلة العودة بالوطن

شبكه صوت الجنوب

 زيد المردعي

في عالم اليوم الذي تحكمه المصالح ولا يعترف إلا بالقوة وقانون القوي يأكل الضعيف يحاول ذئب الانتقالي شق طريق الغاب المليئ بالمخاطر والصعاب في رحلته الاولى للعودة بالوطن الذي سلبه من اهله قطيع الثعالب والضباع والنموس ( قوى 7-7 ) حين جمعتها المصالح وأبرمت اتفاقات تبادل المنافع مع الوحوش والكواسر ( القوى العظمى ) في 94 على طريقة اللحم مقابل وطن الذئب ( النفط مقابل الجنوب ) والذي لازالت اتفاقاته سارية المفعول الى حد اللحظة.

يتسلح الانتقالي لاجل ذلك بالارادة الشعبية التي يستمد منها قوته كذلك تعامله الصادق مع حلفائه والاقليم اضافة الى مشروعية الهدف الوطني التحرري الذي يتبناه ويناضل لاجله وهذا لا يعد كافيا” في نظر قانون الغاب وعالم اليوم الذي تحكمه القوة والمصالح في عصر الثورة الاقتصادية الذي يعتبر الذهب الاسود ( النفط والغاز ) هو رأس حربتها وعنوانها الرئيسي وعصب حياتها بلا منازع والذي لا يعترف حتى بقوتك وصدقك وشعبيتك وماهية مشروعك ومن تكون ان لم تكن في يدك تلك الورقة الاقتصادية الهامة اضافة الى ورقة السيطرة الكاملة على ارضك ومائك وسماك ومواردك وثرواتك بالاضافة الى اوراق اخرى تهم اللاعبين الكبار كي تدخل بها حلبة النزال وتلعب بها بحذر وذكأ واتقان سياسي لتقايض بها العالم ليفاوضك على ضمان وتأمين مصالحه ويفوضك كراعيا” رسميا” لها ويعترف بك كحارس امين على ارضك وثرواتك  في معركة كبرى من نوع آخر معركة اقتصادية شرسة واكثر خطورة من المعركة الحربية و هي لا تقبل القسمة على اثنان ولا تعترف إلا بالفوز والفوز فقط اما تكون فيها رابح مولود وإما خاسر مفقود.

فإذا كانت الاراده الشعبية لا تعني الشرعية كما قال السفير البريطاني , واذا كانت القوة والصدق لا يكفيان لنيل الانتقالي ثقة المجتمع الدولي ولا يمنحه كل ذلك تأشيرة العبور الى الوطن المغتصب ولا يمكنه من الحق المشروع في العودة به من بين مخالب وانياب براثن المحتل اليمني بموجب التفويض الشعبي الممنوح له فما الذي يحتاجه الانتقالي ليكون صوته مسموعا” وطلبه نافذا” ولكي يشرعن له الاقليم ذلك الحق الذي لازال يراه الى اليوم باطلا”؟

نعم هناك ورقتان هامتان لا يملكهما الانتقالي وليستا بحوزته وهما ورقة الثروة ( النفط ) وورقة السيطرة وبدونهما لا معنى لباقي الاوراق , فالارادة الشعبية جربها شعب الجنوب منذ 2007 ب 14 مليونية سلمية فلم ينصت له احد , وايضا” الصدق وحسن النوايا افقد الجنوبيون وطن عام 90 ولن يعيده , كذلك القوة بدون سيطرة على كامل التراب الجنوبي وبدون انتزاع الثروات والموارد لا قيمة لها .

اذا” فورقتي النفط والسيطرة هما مفتاحا الحل ومكمن وجع القوى الدولية العظمى التي تتحكم في ملف اليمن والجنوب خصوصا” وهما العصأ السحرية التي تروض الكبار وتجبرهم على القبول بالامر الواقع والاعتراف بمن يملكهما كائن من كان بغض النظر عن ماهيته ومشروعه ومن يمثل بقدر مايهم العالم اليوم مصالحه ومن يضمنها ويؤمنها .

وبإمتلاك الانتقالي لهاتين الورقتين سيوفران عليه الكثير من الجهد والوقت والكلفة ويختصران مسافة الوصول للحرية ويسلكان به اقصر الطرق المؤدية الى الخلاص والانعتاق ويعجلان بإستقلال وطنه ويرغمان العالم على احترامه والاعتراف به كأمر واقع ليس ذلك فحسب بل من شأنهما يسقطان الاحتلال اليمني وارهابه ومشاريعه تلقائيا” ويجبرانه على الرحيل الفوري بعد ان ينقطع حبل وريد الثروة والموارد الذي كان يغذيه .

ورقتي النفط والسيطرة لم يغيبهما الانتقالي عنوة ولم يسقطهما سهوا” من مجمل حساباته بل هما في اولويات اهتماماته وفي اعلى رأس هرم اجنداته لكن حسابات حلفائه الخاصة في التحالف العربي حالت دون تمكينه منهما لحاجة في نفس يعقوب قضاها وهي حسابات سياسية تحتمل الصواب والخطأ إما سترفع الانتقالي الى عنان السماء مستقبلا” او ستهوي به الى اساحيق الارض وتصيبه في مقتل وكل هذا وذاك يعتمد على اجندات ومصالح قوى التحالف العربي والقوى الدولية ذات العلاقة.

وبحسبة بسيطة نجد ان الشرعية هي من تملك هاتان الورقتان الهامتان جنوبا” فورقة السيطرة بعد ان كانت تميل غلبتها جنوبا” لصالح الانتقالي وكادت تتلاشى سيطرة الشرعية عليها عادت وبقوة لترجح كفة الشرعية بعد تسليم الانتقالي لها محافظة شبوه  لتتسيد على اكثر من ثلثي مساحة الجنوب وتسعى بقوة لإلتهام ماتبقى منه بل وتسابق الزمن لفرض امر واقع من خلال سيطرتها على المحافظات الاكبر مساحة والغنية بالثروات شبوة حضرموت اضافة الى المهرة لتحصر الانتقالي في زاوية ضيقة تتمثل في المحافظات الاقل مساحة والفقيرة الثروة عدن لحج ابين  والتي تمثل اقل من الثلث من مجمل المساحة الكلية للجنوب اضافة الى ساحل حضرموت الذي تعتبره الشرعية في يدها ضمنيا” وترى سهولة السيطرة عليه بواسطة قواتها الشرعية في المنطقة العسكرية الاولى المتمركزة والمسيطرة على وادي حضرموت هذا من جانب.

ومن جانب آخر تمثل ورقة الثروة النفطية الورقة الرابحة بالنسبة للشرعية وهي صاحبة كلمة الفصل فيها وهي التي تحكم قبضتها على مناطق الثروة في شبوة ووادي حضرموت وتتحكم بورقة النفط ومصالح القوى الدولية ذات العلاقة رغم محاولة الانتقالي الاحتفاظ بجزء من اسطر صفحاتها التي بائت بالفشل في شبوة والتي تنازل عنها وسلمها بقدرة قادر للشرعية ودون اي مقاومة تذكر ولم يسلم من ذلك مابناه من جيش نخبوي شهد له العالم اجمع واستطاع في فترة وجيزة ان يفرض نفسه كقوة ضاربة وشريك رئيسي للعالم في مكافحة الارهاب لتتحول تلك القوة بلحظة الى بقايا حطام ينتحب على اطلالها الجنوبيون الما” وحسرة ويتبخر معه حلم الملايين من سكان شبوة الذين كانوا يعولون الكثير على هذه القوة التي أستطاعت تأمين حياة الناس والتطبيع النسبي لوضعهم المعيشي وحفظ أمن مناطقهم والقضاء على ارهاب قوى الشمال المصطنع بعد ربع قرن من ارهابه لهم ومن عدم الاستقرار والثأرات والمشاكل الذي كانت تضرب شبوه والذي جلبتها قوى الاحتلال الشمالي ليتفاجأ سكان شبوه بعدها بعودة الاحتلال وارهابه ونفاياته مجددا لينصدموا بواقع تراجيدي مأساوي آخر شكل ايضا” صدمة قوية لقوات النخبة والذي ربما ستؤثر هذه الصدمة مستقبلا” على باقي قوات الانتقالي ونفسيات افرادها اذا كان مصيرها سيكون كمصير قوات النخبة الشبوانية , الامر الذي جعل الكثير من الجنوبيون يضربون اخماس في اسداس ويندبون سؤ حظهم في شريك غير واضح الاهداف يكيل بمعيارين ولا يحترم تضحياتهم ويسعى لتمكين عدوهم عليهم والذي يحاربهم ارض وانسان كلما حاولوا التخلص منه ويظهرهم امام العالم كأنهم ادوات للاستخدام ووقود حرب وجعل ارضهم مسرح لتصفية حسابات الخصوم من قوى الصراع الدولي وادواتها المحلية ليجد الجنوبيون انفسهم بأنهم هم وحدهم فقط من يجب عليه دفع الثمن وبلا مقابل رغم تضحياتهم الجسام لنصرة مشروع التحالف العربي وصدقهم ووفائهم معه بإعتبارهم شركائه الحقيقيون الصادقون و اصحاب نصره الوحيد والذي يأملون منه النظر اليهم بعين العدل وينتظرون منه انصافهم في استعادة حقهم المشروع وعودة وطنهم المغتصب لا ان ينتظرون منه تسليم ارضهم لارهاب ثالوث الشر قطر ايران تركيا وادواتها المحلية من شرعية اخوان وحوثة واذرعهم من دواعش وقاعدة ومتطرفين والذي لو حصل فعلا” فلن يقتصر ارهابه على الجنوب وشعبه فحسب بل سيضرب دول الخليج ويسقط انظمتها وسيكتوي بناره العالم اجمع.

اذا” من دون ورقتي الثروة والسيطرة واسقاط مبدأ وصاية الاحتلال الشمالي على الجنوب وثرواته منذ ربع قرن من الزمان يغدو الانتقالي كذئب بلا مخالب وأنياب صحيح ان لديه من القوة والشجاعة مايكفي للمواجهة والنصر وقادر على اصطياد الطرائد وتحرير الارض لكنه لا يملك قرار المحافظة عليها وهذا ماسيبقيه عالة على غيره  منتظرا للفتات الذي يعطف عليه التحالف به ليبقي استقلال قراره مرهونا” بحلفائه ولن يتحرر على الاقل من الناحية الاقتصادية بإنتزاعه للثروة والموارد وهذا سيحرجه كثيرا” مع انصاره ومن ناحية سياسية سيضع مستقبله السياسي على كف عفريت مرهون وملزم بما سيقرره له شركائه في التحالف العربي من مستقبل سياسي  وهذا نتاج طبيعي لوضع الانتقالي كل بيضه في سلة التحالف العربي دون سواه وتقوقعه في زاويته الضيقه وعدم انفتاحه على العالم لكسب حلفأ جدد خصوصا تلك القوى العظمى المؤثرة في القرار الدولي والمتحكمة في قرار التحالف العربي نفسه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى عدم امتلاك الانتقالي لورقتي النفط والسيطرة التي من شأنها ستجبر العالم على التفاوض معه والاعتراف به كأمر واقع مفروض .

والمتمعن في واقع الارض جنوبا” يدرك خطورة المجازفة التي يقدم عليها الانتقالي بتمكينه للشرعية والارهاب وتسليمه لها ماتمت السيطرة عليه مسبقا” من قبله وبسيول من الدماء والتنازل على ماتحت يده سوى بتكتيك او بإتفاق او بضمان من حلفائه او بدون ذلك بإعتباره خطأ قاتل وانتحار سياسي شبيه بدخول وحدة عام 90 خصوصا” مع قوى لا عهد لها ولا دين ولا تلتزم بقوانين ولا مواثيق ليس ذلك فحسب بل ان الخطر الاكبر هو ايجاد موطئ قدم جنوبا” لهذه الشرعية الارهابية التي تبتز التحالف لتحقيق مكاسب سياسية جنوبا” بعد ان سلمت كل الشمال لشريكها الحوثي بإتفاق مسبق وبأوامر مموليها قطر ايران تركيا واتجهت للسيطرة جنوبا” لتزيح الانتقالي او تشاركه كعكة الجنوب كي تقايض به في اي تسويات اقليمية ويتم تدويل ملفات ماتحت يدها من ارض او ثروة ويكون ملزما” على الانتقالي والجنوبيون تنفيذه مكرهين وبعصأ اجماع المجتمع الدولي.

في رحلة العودة بالوطن كل الطرق تؤدي الى الجنوب وكل الوسائل متاحة ومشروعة امام ذئب الانتقالي لتحقيق المعجزة فهل سيتجرأ ويفعلها ويلعب بورقتي الثروة والسيطرة ليغير مجرى التاريخ ويدخله من بابه الواسع لتخلده الاجيال جيل بعد جيل ليبقى ذلك شاهد على العصر والزمان كملحمة لا تنسى , هذا ماستثبته او تنفيه قادم الايام وأن غدا” لناظره قريب.


وياذئب ان لم تكن ذئبا" اكلتك الذئاب

ليست هناك تعليقات