من صميم الحروب
شبكه صوت الجنوب
سناء أحمد
الحروب لا تُغدق على البشر من حولها غير فقدان الأمن والاستقرار إلى ذهاب الطمأنينة والسكينة ليصبح التألف والتوائم من بعدها في عداد المفقود بين الناس.
الحروب تمحق كل جانب مضيئ وتبقي دوما على المظلم منه، فأقبح ما فيها ليست هي تتلخص فقط في سفك الدماء، وهدّم البنيان والعمران كسمة من سماتها الأصلية، لكن تصلّب طباع البشر وميلانها إلى الشدّة والعنف هو سمة أخرى مراففة تستمر من بعدها لزمن ليس بالمعلوم ونتيجتها الحتميّة تقيّد حريّة الإنسان وهدر كرامته.
فتأثيراتها لا يمكن أن تزول بمجرد توقّفها وبغياب صوت الرصاص ودوي المدافع وأزيز الطائرات لكنها تمتد لأجيال وأجيال متعاقبة، فكم من تصالح وضع حد لحرب معيّنة ولم يستطع أن يمحو حزازاتها العالقة في النفوس، والدليل على ذلك أنه إذا ما توفرت لها يوما العوامل المساعدة لإندلاعها سرعان ما ستعود من جديد أقوى من ذي قبل.
ومن ريعها ما ينبأك عن هولها بشواهد بارزة للعيان.. قتل وإنتهاك خارج حدود القانون، والشرع وهدم ما عمّر للحياة من بين منزلا ومدرسة ومسجد ومستشفى سويّت بالأرض إلى شبكات مياه وكهرباء عطلّت او طرق خرّبت ناهيك عن ملحقاتها من كوارث وأمراض وأوبئة وفقر وجهل.....
هو ذلك بما أسموها بحرب الحوثي كواقع ملموس نعاني تبعاتها كجنوبين ومن ما يقارب إنقضئ الست سنوات من عمرها ونحن نرفد مسيرت درب الصراع ومن أجل نيل حريتنا بقوافل من الشهداء تسقط بين الفينة والفينة، لكنه لم يقدر لنا بذلها رخيصة بإن نحضى بقدر من الاهتمام والتيسير لأمورنا لنستشعر ولو بعودة جزء من كرامتنا المهدورة فما زلنا نطالع مساوئ وتفاصيل داخلنا ليل نهار، نعيشها بجوارحنا وأحاسيسنا، تمضي معنا في رحلنا وتراحلنا، ننام على حزن ونصحو على حزن آخر، فهنا أسرة مكلومة فقد عائلها وهنا أم غيبت عنها هذه الحرب ولدها وهنا وهنا وهنا.... فكله غدى يندب حضه ويستجم على مرافاء اليأس والإحباط طبقاً لنص الحقيقة الماثلة التي دفعنا إليها دفعاً منذو تسيّد زمن الحوثين ثم أنقضى بهزيمته مطرودا خارج دائرة حدودنا متوسمين من بعده تدشين مرحلة جديدة أكثر إشراقاً لنا إلا لنفاجأ بعهد من التتويه مجدوّل يخلفه.
التعليقات على الموضوع