شبكه صوت الجنوب

ads header

قعطبة مدينة قديمة أثرية تعد مركز المديرية وعاصمتها الإدارية وهي إحدى مديريات محافظة الضالع

قعطبة مدينة قديمة أثرية تعد مركز المديرية وعاصمتها الإدارية وهي إحدى مديريات محافظة الضالع 

الضالع | وضاح الخوبري 

الجمعة 2022/04/29م
قعطبة مدينة قديمة أثرية تعد مركز المديرية وعاصمتها الإدارية وهي إحدى مديريات محافظة الضالع وأكبرها من حيث عدد السكان كما تعد حاضنة للمئات من الاسر النازحة والمهمشة من خارج المحافظة اضافة الى الوافدين اليها من شتى مناطق اليمن.
تمتلك مدينة قعطبة طقوساً وممارساتٍ لكل المناسبات الدينية والاجتماعية، ويعتبر شهر رمضان الأوفر حظا لجهة تلك الطقوس. 
لهذا الشهر في هذه المدينة مذاق مختلف ففيه أمهات العبادات وله عدد من الطقوس والعادات والتقاليد الاجتماعية.

عادات وتقاليد توارثها الأجيال، وحفظها الأحفاد عن الأجداد، قاومت عوامل الاندثار وتمسكت بعفويتها وبساطتها، واستمرت حاضرة إلى اليوم.

رغم الواقع المؤلم الذي تعيشه اليمن الا ان التنوع الذي تزخر به قعطبة تجعلها انموذجا يمنيا شاملا فهي تحتضن المئات من الاسر والعائلات الوافدة اليها من خارج المحافظة وايضاً الآلاف من الاسر النازحة من مختلف مناطق المديرية والمحافظة الامر الذي اوجد مزيجا متعايشا من العادات والتقاليد المختلفة في مكان واحد.
 تجسيد العواطف المكنونة شوقا و ترحيبا بالشهر الفضيل :
يبدأ الاستعداد لاستقبال الشهر الفضيل في هذه المدينة من منتصف شهر شعبان فترى تسابق الاطفال من مختلف شرائح المجتمع وايضاً من النازحين والوافدين اليها ينخرطون مع عادات وتقاليد المدينة في تجهيز دراجاتهم الهوائية من اجل اللعب والمرح ابتهاجا وفرحًا بقدوم شهر الصيام والغفران حيث يطوف الأطفال أزقة وشوارع المدينة وهم يرددون أهازيج شعبية متوارثة ترحيبا بالشهر الكريم.
"يا مرحبا بك يا رمضان شهر السعادة والغفران "

احمد علي النهام يبلغ من العمر 55 عاما نازح يقطن عزلة الوحج مديرية قعطبة يقول "اعيش مع اسرتي في قعطبة منذ ثلاث سنوات لم اشعر يوماً اني غريب ومهجر من بيتي وقريتي لما لمسته من حفاوة والفة ومحبة، ابناء مدينة قعطبة يسطرون اروع معان للتكافل الاجتماعي".
اما عبدالواحد الغيلي من ابناء الحشاء 36 عاما- نازح فيقول" عادات وتقاليد مدينة قعطبة في المناسبات الدينية والافراح انستنا الالآم ومعاناة فراق الأهل بسبب النزوح". 
الحاج صالح العودي واحد من المعمرين من ابناء مدينة قعطبة نحو 100عام 
عاصر الكثير من الأحداث و زار أغلب مناطق اليمن يقول "طفت أكثر مناطق البلاد شرقاً وغرباً ولم أجد رائحة رمضان بعاداتها وتقاليدها الفريدة في أي مكان إلا في قعطبة حيث تمتاز مدينة قعطبة بعفوية أهلها وبساطتهم وكرمهم ونقاء سرائرهم".
نفحات رمضانية 
يأخذ الحاج صالح نفساً عميقا والشوق و اللهفة في عينيه استبشارا ً وفرحاً بقدوم  
أيام وليالي الشهر الفضيل ويضيف "تجد التآخي و التراحم والألفة بين الناس وتمتلئ المساجد بالمصلين كباراً وصغاراً من( وجاهات واعيان وعوام وشباب) الجميع يتسابقون على الصلوات وعلى قراءة كتاب الله".
يحرص الآباء والأمهات على تعليم وتشجيع الأطفال الصغار ذكوراً وإناثاً على الصيام على مراحل الى الصباح ثم إلى الظهر ثم العصر وما أن يبلغ الطفل سن التاسعة من العمر حتى يكون قادرا على اتمام الصيام إلى الليل.
يهتم أهالي المدينة بالشعائر الدينية، خاصة في شهر رمضان الكريم، الذي يعتبر بالنسبة لهم فرصة لزيادة رصيدهم من الحسنات، وذلك عن طريق الاهتمام بالفقراء والمحتاجين، ففي أغلب المساجد يقيمون إفطاراً جماعياً بشكل يومي، حيث يحضره العديد من الناس من مختلف شرائح وفئات المجتمع دون تمييز، لا فرق بين كبير او صغير و لا بين غني او فقير ولا بين ابيض واسود يجلسون مع بعضهم على شكل حلقات دائرية حيث تتكون وجبة الافطار من تمر وسمبوسة وماء أو نوع من العصائر.

يقول عبدالله علي ناجي من ابناء مدينة قعطبة "نحن نحافظ على عاداتنا التي تربينا عليها من الاباء واكرام الضيف سمة من سمات الإيمان والرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على اكرام الضيف كما ورد في الحديث الشريف {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه} 

من اشكال الالفة أيضا ما تراه قبيل اذان المغرب من تبادل للأطباق بين المنازل وكان المدينة اسرة واحدة او كأنها منزل واحد.
أحمد علي صالح من ابناء مدينة قعطبة يقول النساء يشاركن الرجال في ابراز سمة الاحسان واكرام الجار والعطف على المحتاج من خلال تبادل الطعام وارسال الفطور والعشاء للمعسرين . 
مائدة رمضان
تتفنن ربات البيوت في تحضير ما لذ وطاب من الأكلات الشعبية في رمضان ويصف الحاج صالح مائدة رمضان قديماً بقوله أنها لا تختلف كثيرا عن سائر أيامنا العادية حيث تحتوي على العصيد والسلتة وهما مشهورتان في اغلب مناطق البلاد واللحمة أو الدجاج إضافة الى الشفوت ، أما اليوم تغير الحال كما يقول حيث تعلمت النساء تحضير وجبات واطباق جديدة وصرنا نرى اشكال وأنواع الأكلات الشعبية المحمر والمجمر (ما يتم قليه بالزيت او شيه بالنار مثل الدجاج والسمك والبطاط والسنبوسة، و السوسي وهو عبارة عن ( خليط من الحليب والبيض)"

 الى جانب ذلك هنالك اكلة (بابا غنوج) وهي تتكون من باذنجان وزبادي، ولا تخلو المائدة من الشربة وهي تتكون من (طحين القمح المجروش والحليب بأضافة السمن والعسل البلدي)
تتضمن المائدة أيضا الكبسة وهي ارز مخلوط با للحم او الدجاج وبطاطا. وغيرها من الأكلات الشعيبة التي التصقت ثقافتها وعاداتها بمدينة قعطبة بسبب تنوع السكان والعادات .
تتميز مدينة قعطبة بمائدتها التي يجتمع حولها اناس من فئات اجتماعية مختلفة طوال ليالي الشهر الكريم.

حيث يتسابق الجميع الغني والفقير على استضافة من يجدونه امامهم او في الطريق بعد العودة من أداء صلاة المغرب جماعة في المساجد.
احمد عمر سعيد 38 عاماً يعمل ميكانيكي في ورشة اصلاح سيارات من ابناء طور الباحة محافظة لحج يقول " قعطبة مشهورة ومعروفه قديماً وحاضراً بالكرم والشهامة وطيبة اهلها وتواضعهم " .
ويضيف نصر محسن علي من ابناء الراهدة محافظة تعز يعمل في مجال البناء " المروءة والشهامة والتواضع يتحلى بها ابناء قعطبة نتيجة رقي اخلاقهم".

تقاليد رمضانية

من التقاليد الرمضانية التي يتمسك بها أبناء قعطبة بعد الانتهاء من تناول العشاء الذهاب مع الأبناء من جميع فئات و شرائح المجتمع الى السوق قبل أذان صلاة العشاء لشراء العتر (بازلاء خضراء يتم قليها بوضع كمية منه في اناء معدني ويوقد تحته الحطب ويتم تقليبه الى ان ينضج)
ويتم تناوله مع القهوة بالحليب. 

هذا التقليد الذي يعد بمثابه ملتقى اجتماعي يعكس مدى ترابط ابناء المدينة وتعزيز أواصر النسيج الاجتماعي عاشها الإباء حين كانوا أطفالا وتناقلوها عن الإباء الى أطفالهم وهكذا تستمر القصة.
هي لوحة اجتماعية تحتوي التنوع اللوني والعمري والمستوى الاقتصادي الجميع على ذات الطاولة يتناقشون في الأمور اليومية فيما الأطفال يتبادلون العابعم واحاديثهم في الجوار.
محمد علي احمد 52 عام من ابناء مدينة قعطبة يقول "اتذكر عندما كنت صغيراً كنا نأتي انا والوالد رحمة الله عليه الى هنا حيث كان يلتقي بأصدقائه وزملائه في الدراسة وبأساتذته وكانوا يتبادلون الحديث عن ذكرياتهم وكان المرحوم يعرفني بهم ويحكي لي عن ذكرياتهم الجميلة.
وانا ايضاً احتفظ بذكريات جميلة عندما كنت العب وامرح مع ابناء الحي ونحن صغار ونتذكرها كلما تقابلنا مع بعضنا".
عبدالعزيز محمد عبدالله من أبناء المدينة يقول انه يحيي هذا التقليد كتاريخ يربط الماضي بالحاضر.
اما الاستاذ خالد محمد علي فيقول ان حضوره هو واولاده الى شراء العتر وشرب كأس من البُن بمثابه تعزيز لفكرة استمرار الملتقي الاجتماعي في ليالي رمضان".
ليالي رمضان
وعند سماع الإذان لصلاة العشاء يتجه الجميع الى المسجد الكبير الذي يقع وسط مدينة قعطبة لصلاة الفرض و التراويح و الوتر.
يوضح لنا الحاج صالح طقوس ليالي شهر رمضان بقوله "بعد ما نتم اداء الصلاة نخرج ونذهب نسمر ونخزن في ديوان (مجلس) أحد الجيران في الحارة ونحيي ليالي رمضان بذكر الله والصلاة على رسول الله صل الله عليه وسلم ونسبح ونستغفر الله ونردد الموشحات الدينية".
أمسيات رمضانية 
من طقوس الليالي الرمضانية في مدينة قعطبة أيضا المجالس الشعبية التي يرتادها أناس من مختلف شرائح وفئات المجتمع مثقفون وواعظون ومعلمون ودكاترة و شباب وأعيان وعوام المنطقة حيث يجتمعون و يتبادلون الأحاديث فيما بينهم ثم يتجهون لتنظيم ( المسابقات الرمضانية) في مجالس المدينة وفق برنامج يتم الإعداد والتنظيم له مسبقاً لكل ليالي الشهر الفضيل من قبل القائمين على المجلس أو من أحد أعضائه ويكون المسؤول المباشر للمسابقة وتتولى لجنة مكونة 2 أو أكثر مهام التحكيم واحتساب الدرجات . 
تبدأ الأمسية بـ محاضرة دينية من أحد الحاضرين أو بقراءة درس من السيرة النبوية بعد ذلك تُجرى المسابقات الثقافية العامة التي يتنافس فيها الجميع في جو يسوده الحماس والإثارة والتشويق بحيث يقتسم المجلس إلى فريقين ( أ و ب) ويُعطى لكل فريق منهما معدل 10 أسئلة تقريباً لكل فريق أو حسب نظام المسابقة ويحتسب درجتان للإجابة الصحيحة من قبل لجنة التحكيم وفي نهاية المسابقة يحصل الفريق الفائز على الجائزة مادية او معنوية حسب نظام المسابقة.

الاستاذ محمد صادق من ابناء مدينة قعطبة يقول " المسابقات الرمضانية التي تقام في دواوين ( مجالس) المدينة في ليالي رمضان تعمل على تقوية اصول الثقافة و الهوية للمجتمع".

ويضيف الأستاذ عبدالرحمن صالح 47 عام من ابناء مدينة قعطبة ان المسابقات الثقافية الرمضانية التي تقام في مجالس الاحياء " تعمل على تنمية المجتمع فكرياً واجتماعياً وثقافياً" 
يحرص أبناء قعطبة خلال شهر رمضان أيضا على تبادل الزيارات رغبة في تقوية أواصر المحبة بينهم، وهي فرصة بالنسبة لهم لحل كثير من المشكلات الاجتماعية العالقة.

تم إنتاج هذه المادة بالتعاون مع مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي

ليست هناك تعليقات