حقيقة وخلفيات الدعوة لتشكيل كيـــــان سياســـي جنوبـــي موحــــد
حقيقة وخلفيات الدعوة لتشكيل
كيـــــان سياســـي جنوبـــي موحــــد
【 بقلـ✒ــم/شايـف الحــــدي 】
☜ دعوة القائد الثُّوري/عيدروس الزُبيدي، محافظ العاصمة عـدن، القائد الأعلى للمقاومة الجنوبيِّة هي لتشكيل كيان سياسي جنوبي موحد يمثل الجنوب في اللقاءات والحوارات والمفاوضات الأقليمية والعربيَّة والدُّولية يتمكن من خلاله الجنوبيين إنتزاع حقهم المشروع في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم، وهذا لن يتحقق إلَّا بالدعم الوطني لفئات ومكونات الجنوب السِّياسية لهذه الدعوة أو المبادرة، فالإقليم والعرب والخارج عندما يجدوا أمامهم كيان سياسي موحد يمثل الجنوب بكل مكوناته وأطيافه السِّياسية والاجتماعية تتولد لديهم الثّقة بأنَّ هناك جهة واحدة قادرين على التخاطب والاتفاق معها بما يخص الجنوب ووضعه الجغرافي والسِّياسي والاجتماعي أقليما وعربيا ودوُّليا، ولتطبيع العلاقات الجنوبيِّة مع مجلس التعاون الخليجي والدُّول العربيِّة والعالمية مع الرُّوح الانفتاحية للقرن الحادي والعشرين، بل وستتعزز لديهم الثّقة والأطمئنان بأنَّ هذا الكيان الجنوبي المفاوض أو الممثل ــ وهو مولود شرعي لشعب الجنوب ــ قادر على إعطاء ضمانات سياسيّة وأمنية للأقليم والعالم بحفظ الأمن والأستقرار في المنطقة وممرات خط الملاحة الدُّولية في باب المندب والبحر العربي وفي محيط الكيان الجنوبي والحفاظ على المصالح المشتركة، وإنَّه سيكون شريك فاعل في محاربة المد الفارسي والإهاربي من خلال المعطيات التي ثبتت في العالم كله عن أستعداد أبناء الجنوب كافة لمواصلة حربهم بوقف المد الفارسي والقضاء على الجماعات الإرهاربية وتجفيف منابعها ونموذج لذلك ما قدموه في الحرب الأخيرة وحتى الآن.
ومما لا شك فيه ولا خلاف عليه أنَّ الكيان السِّياسي الذي دعا لتشكيله القائد ــ عيدروس الزُبيدي من خلال الدعوة الشاملة لَّهُ، فإنَّها وجهت لكل مكونات الجنوب، والجميع على ثقه بأنَّ محافظ العاصمة عـدن صادق في دعوته لكلٍّ المكونات الجنوبيِّة للمساهمة في صنع هذا الكيان السِّياسي وحتى الآن لم يتطرق سعادة اللواء/عيدروس الزُبيدي إلى صيغة الحكم وشكل الدُّولة كما يعتقد البعض، ولم يقصد من خلال التصريح السابق تكوين مجلس حاكم أو حكومة مستعجلة، وإنَّما تمثيل تفاوضي لإنتزاع حق الجنوب من أجل اجبار المفاوضين الحاليين من الحوثيين وصالح والشّرعية والرُّعاة الأقليميين والدُّوليين لهذه المفاوضات لاشراك الجنوب كممثل عن نفسه وليس هناگـ من أحدٍ وصيا عليه أو ممثلا لَّهُ.
أيّ بمعنى أنَّ القائد/عيدروس الزُبيدي لا يعترف ولا يوافق بأنَّ هناك ممثل للجنوب في المفاوصات الجارية بين الحوثيين والشّرعية، إلاَّ تحت إطار هذا المكون السِّياسي الجنوبي الذي يضمن حدود دولة الجنوب ما قبل عام 1990م وعاصمتها عـدن.
ولهذا وجه دعوته للشرعية ممثله بالرئيس هادي وحكومة بن دغر وللتحالف العربي وعلى رأسها المملكة العربيّة السُّعودية ودولة الإمارات العربيّة المتحدة بأنَّ يدعموا تشكيل هذا الكيان الممثل للجنوب كحق مشروع، وليس مجاراه لمّا عمله الحوثيين وصالح في صنعاء من تشكيل مجلس إنقلابي وهو أقرب للطائفيّة، بينما دعوة محافظ العاصمة عـدن هي لتشكيل كيان سياسي ممثل لكلٍّ الجنوب بمختلف أطيافه ومكوناته السِّياسية والاجتماعية تقود نضاله، وتعبر عن تطلعاته السِّياسية المشروعة، وتمثيله في المحافل الدُّولية، وأستثمار المناخ الذي هيأه هذا الكيان من أجل تفادي ما من شأنه جعل شبح اليأس يحل محل بريق الأمل، الذي فتحه هذا الكيان الذي سينبثق من أطياف ومكونات الشّعب دون إقصاء، مما يتطلب من الجميع الامتناع عن اتخاذ إجراءات أحادية الجانب من شأنها الإخلال بهذه الدعوة وتأخير تشكيل كيان جنوبي موحد .
وفي هذا السِّياق، ومع ترحيب شرائح كبيرة بهذه الدعوة نجد أن هذه المبادرة الرَّامية للمّ الشّمل لكلٍّ الجنوبيين قد بدأت بتأييد شعبي واسع من مكونات وأطياف المجتمع الجنوبي.
وإزاء ذلك نستطيع الجزم أنَّه قد آن الأوآن، لكي يأخذ كل جنوبي بهذه الدّعوة بمحمل الجد، ليس لرغبتهم الصَّادقة في تحقيق أهداف هذا الكيان، بل للتأكيد على عزمهم للخروج من هذا النّفق المظلم وإيجاد حامل سياسي موحد يمثلهم في كل المحافل الدُّولية على طريق إستعادة الدولة على كافة حدودها دون أيّ إنتقاص، ولن يتحقق ذلك إلاَّ برص الصّفوف والتشبث بموقف موحد ومشترك والانخراط الجماعي في مواجهة التحديات الحقيقية للشعب الجنوبي من المهرة شرقا حتى خور العُميرة غربا، ولهذا وجب علينا تأييد هذا الكيان وسرعة تشكيله من كافة القوى والمكونات الجنوبيِّة بعيدا عن التجاذبات السِّياسية وكذلك وجهات النظر المختلفة، فالوقت لم يعد يحتمل الأنتظار، والمسؤولية جماعية والقادم أعظم، وعلينا باللحمة والوئام ولمّ الشمل وجمع الكلمة من أجل الخروج برؤية واضحة وموحدة تبلور الإخفاقات السّابقة والأستفادة من السِّلبيات الماضية لمّا من شأنه صيانة وحدة الجنوب الوطنيّة والترابية وسيادته واستقراره وأمن المنطقة برمتها.
ومن المؤكد أنَّ هذه الدّعوة لم تتطرق إلى تشكيل مجلس حاكم أو شكل الدُّولة القادمة وصفاتها وترك ذلك مفتوحا للشعب الجنوبي ليقول رأيه فيها كحق شرعي من خلال أستفتاء شعبي سينظم لاحقا بعد الأعتراف بالحق الجنوبي (الاستقلال) من خلال الإقليم والعالم.
وبنفس الإرادة والعزيمة نؤكد انخراطنا ودعمنا للمساعي الحميدة للقائد/عيدروس الزُبيدي في تشكيل هذا الكيان وعلى الجنوبيين أنَّ يسارعوا في تأييد هذا الكيان السِّياسي وألا يخوضوا في التفاصيل عن الترتيبات الأُخرى المتعلقة بالدُّولة والحكم والدستور، لأن التفاصيل يكمن في ثناياها الشيطان وبالتَّالي سينجر الجميع إلى مماحكات ومهاترات وتشكيك وهذا قد يؤثر على تشكيل الكيان السِّياسي وقوته وقدرته على التفاوض في إنتزاع الحق الجنوبي.
وفي الوقت الذي كنّا نبحث فيه كجنوبيين عن حامل سياسي لقضيتنا العادلة جاءت دعوة القائد/عيدروس الزُبيدي، لتشكيل هذا الكيان الجنوبي الموحد عشية دعوة الأمم المتحدة لوفد الحوثيين والشّرعية للعودة إلى طاولة المفاوضات مع تسرب معلومات من جهات دوُّلية عن قرب التوصل إلى اتفاق سياسي بين الحوثيين والشّرعية لينهي الحرب الحالية دون أن يكون للجنوب أيّ شأن أو أيّ أعتراف بحقه المشروع لا من خلال المفاوضات الجارية بين الأطراف المتحاربة ولا ما ستترتب عنها أيّ اتفاقات سياسيّة قادمة لن تخدم قضية شعب الجنوب وتطلعات شعبه، ولهذا جاءت دعوة محافظ العاصمة عـدن في الوقت المناسب حتى تضع طرفي الصّراع المتفاوضين والرُّعاة الأقليميين والدُّوليين في الصُّورة وأمام الأمر الواقع بأنَّ تجاهل الحق الجنوبي لن يحل المشكلة ولن ينهي الصّراع في اليمن.
أخير وانطلاقا من المصلحة الوطنية لشعب الجنوب ندعو جميع الأطياف والمكونات السِّياسية والفصائل الثُّورية الجنوبيِّة، وإلتزاما منها بالواجب والمسؤولية تجاه شعبها التي سقطت من أجله قوافل الشُّهداء والجرحى والمعتقلين والمفقودين، إلى تلبية دعوة تشكيل كيان سياسي جنوبي موحد يواكب التفاوض الدُّولي والأعتراف بالقضية الجنوبيِّة على طريق تقرير المصير، وألا نسمح للجانب المزاجي الفئوي لبعض الأشخاص على تعطيل تشكيل هذا الكيان الموحد، فهو فرصة ذهبيّة لا تعوض لسحق أعداء الجنوب وأصحاب المشاريع المنتقصة والذين يظهرون أنفسهم بأنَّهم ممثلين لشعب الجنوب وتطلعاته.
التعليقات على الموضوع