مقاومة أم "شيول ؟؟!!
*مقاومة أم "شيول" !!*
مشكلتُنا في الجنوب ،سيما رجال السياسية ومن يُوصفون بالقيادة، أننا قدمنا أنفسنا لدول التحالف كـ"شحاتين" ومسترزقين وشقاة وليس كرجال دولة قادرين على بناء نظام يضمن لدول المنطقة مصالحها وأمنها ويكون شريكاً في حماية الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب والتمدد الصفوي .
فالتشرذمُ وعدم الالتفاف حول قيادة موحدة وعدم التوافق على مشروع سياسي واضح وتقلب المواقف والخضوع السريع والتراجع بسهولة عن الثوابت الجنوبية مقابل المال الخليجي .. كلُها نماذجُ سيئةٌ قدّمناها للتحالف الذي يراقب الوضع ويقيس المواقف بعين السياسي المتفحّص والمحلل الحصيف والجنوبيون في غفلةٍ وراء المسؤوليات الهلامية والمناصب الزائفة وخلف النزق والتشظّي والجنون والهوس ؛ وبالتالي بات هذا التحالف يسقط تلك المواقف المتذبذبة والمتمصلحة على طبيعة النظام الذي ينشده الجنوبيون إن تحقق الاستقلال ، ونتيجة طبيعية أن يقتنعَ التحالف بأن مصالحه مع هذا النظام القادم ليست بالمستوى المأمول إن لم يكن خطراً على النسيج الاجتماعي في الدولة الجنوبية الوليدة وعلى أمن المنطقة ككل .
هذه النماذج السيئة جعلت التحالف ،والمملكة العربية السعودية تحديدا، تستخدم المقاومة الجنوبية كأداةٍ لتنفيذ مخططاتها في قمع التمدد الحوثي وتأمين حدودها وضمان مصالحها ، وتتعامل معها _أي المقاومة_ كأجيرٍ يقبض حقه بعد وقبل كل عملية أو هجوم ؛ وهذا بحد ذاته امتهانٌ لكرامة المقاومة الجنوبية التي يُفترض أن تكون بمثابة جيش وأمن وطنيين لدولة جنوبية قادمة وليس مليشيا أو "شيول" يعمل بالساعة !! وما مشاركة المقاومة الجنوبية في معارك صعدة وترك عدن عرضةً لتسلل قطعان الشمال ثانية إلا دليل وبرهان على هذا الامتهان وذلك التحقير والتقزيم .
الواضح والمعروف في أبجديات السياسة والأعمال العسكرية أن أي تحالف عسكري يكون مبنياً على مصالح مشتركة للأطراف المتحالفة ، وهذا طبعا ما تفتقده أو بالأحرى ما تخلت عنه المقاومة والقيادة في الجنوب ، فالسعودية دخلت الحرب بناءً على مصالح لها ودرء مخاطر تهددها ، وتحالفت مع المقاومة الجنوبية وسلّحتها ومدتها بالمال للأغراض ذاتها ، بيد أن المقاومة اكتفت بمصلحة المال والسلاح والمناصب وتخلت عن مصلحة الوطن وتطلعاتِ شعب الجنوب الذي أوجد هذه المقاومة وخلقها من رحم المعاناة والاستبداد والقهر والضيم والجور الممنهج الذي خلّفه نظام الاحتلال الشمالي في الجنوب . هذا التخلّي والتراجع والمزاجية الجنوبية أخلت بالتوازن وبطبيعة العلاقة بين المقاومة والتحالف ، وتبدلت من تحالفٍ ندي وشراكة وتعاون ومصالح استراتيجية للطرفين إلى علاقة مشوشة لاترتقي حتى إلى مستوى التكتيك العادي .
في حقيقة الأمر أن المقاومة الجنوبية تنحدر يوما عن يوم نحو خيارين أحلاهما مُر ، الأول أن تنساقَ هذه المقاومة وراء التحالف وتذوب في أحضان الشرعية اليمنية وبالتالي تتخلي عن مشروع الاستقلال ، ولا استبعدُ أن تتحول إلى أداة لقمع من يبقون على عهدهم متمسكين بالاستقلال ، أما الثاني فلاغرابةَ أن تصبح المقاومة الجنوبية هدفاً لطائرات التحالف وسلاح الشرعية اليمنية بعد القضاء على الانقلابيين في الشمال سيما أن برزت أصوات داخل المقاومة تتحدث عن استقلال الجنوب ؛ وللأسباب و"النماذج السيئة" التي تحدثنا عنها في مقدمة المقال .
ورغم هذا وذاك إلا أن الكرةَ لا تزال في ملعب المقاومة والقيادة الجنوبية ولم تفت الفرصةُ بعد ؛ إذ بات من الضروري أن يقايض الجنوبيون التحالفَ على مشروع الاستقلال مقايضةً ولا يستجدونه استجداءً أو تملقاً استعطافا ، وبات من الضروري إعادة رسم العلاقة مع التحالف على أساس الندية والشراكة في المصالح الكبرى للجنوب وشعبه والترفّع عن "الفتات" وعن المصالح الشخصية والضيقة والأنانية .. ما لم فـ"الصميل مازال بالمعطف" !!
*✍وهيب الحاجب*
التعليقات على الموضوع