غياب الوعي
((غياب الوعي))
...
شبكو صوت الجنوب
..
سالم محمد الضباعي
....
حينما أتحدث عن ما تسمى بثورات الربيع العربي فأنا اتحدث بناء على تجربة عملية كنت مشاركاََ في بعض منها في بلادنا اليمن كما انها تجربة موضوعية جرت وأتت بثمارها في كل من تونس ومصر وليبيا وسوريا وهي قيدالتفاعل هذه الأيام في كل من الجزائر والسودان.
كانت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية والمرشحة للرئاسة في انتخابات عام2016م التي خسرت فيها لصالح الرئيس الحالي دونالد ترمب أقول بأن هذه السيدة اللامعة كانت صريحة وشفافة في تناولها لتلك الأحداث التي شهدتها البلدان المذكورة ومن موقع المسئولية التي كانت فيها حيث اعترفت بوضوح ان تلك الأحداث قد جاءت في سياق التحول الأستراتيجي في السياسة الأمريكية التي ظلت طوال العقود السابقة ربما منذ الحرب العالمية الثانية تفضل دعم الأستقرار في دول المنطقة على دعم التغيير والديمقراطية من خلال دعم أنظمة وحكم الأستبداد كما عبرت عن ذلك وزيرة الخارجية الأسبق كونداليزا رايس هذا الملمح في تغير موقف أمريكا والغرب الرأسمالي من خلفها قد يبدو للبعض ايجابياََ مالم يؤخذ بالأعتبار أمران مهمين الأول أن ذلك يأتي في سياق أوسع وأعمق من رؤية الليبراليين الامريكيين الجدد لتأبيد الزعامة الأمبراطورية على العالم من جانب وعلى تمهيد الطريق أمام عودة المخلص وقيامة المسيح من جديد في الأراضي المقدسة في فلسطين العربية المغتصبة من الجانب الآخر والأمر الثاني وهو مكمل للأول ومتناسقاََ معه وهو الأعتماد في نسف الأستقرار واطاحة الأنظمة وتفكيك الدولة الوطنية وتغيير الخارطة الجيوسياسية على قوى الأسلام المعتدل حسب وصف المسئولين الأمريكيين ومنظريهم والذي يعني التنظيم الدولي للأخوان المسلمين المنخرط في الشأن السياسي تحت مختلف التسميات الحزبية والتنظيمية المختلفة والمتنوعة في جميع بلدان المنطقة وان هذه الخلفية لتوضح وتضئ على الكثير من غرائب وعجائب ما شهدته وتشهده منطقتنا العربية والأسلامية ويدخل في ذلك جميع المظاهر التي تبدو عصية على التفسير من حيث تناقضاتها ولا منطقيتها وتصادمها مع بعضها البعض ومن ذلك مظاهر الأرهاب التي يراد الصاقها ظلماََ وعدواناََ بالدين الأسلامي والعقيدة المحمدية السمحاء وآخرها تفجيرات الفنادق والكنائس في العاصمة السريلانكية (كولمبو) والأنتشار الواسع لتنظيماتها وتسمياتها المختلفة من القاعدة إلى الجهاد والنصرة ودولة الخلافة وغيرها من المسميات كقطب مسلح قاتل لا يعرف الرحمة ولا الخوف يقابله ويعاكسه بروز وتقدم القوى الحزبية والسياسية الدينية الأسلامية المعتدلة بمختلف تسمياتها والتي تتموقع كلها تحت المظلة الواسعة للأخوان المسلمين ويراد تصويرها بكونها حامل التغيير الديمقراطي وإعادة بناء الخارطة الجديدة للمنطقة كما تدخل في تلك المظاهر مواقف الدول الأقليمية والدولية شديد التناقض إزاء الأحداث والتطورات في منطقتنا المنكوبة بالكوارث ووأد كل محاولة لنهوض القوى السياسية في المجتمعات العربية بمختلف تياراتها الليبرالية والقومية واليسارية التي يمكنها أن تقدم المشروع البديل للمشروع الصهيو_ماسوني في المنطقة.
ان العبرة الأولى والرئيسة التي يجب على القوى الثورية والنخب الوطنية في بلداننا وخاصة في اللحظة الراهنة الجزائر والسودان هي في الوعي الكامل أن العدو المستبد الذي ضيق على حياة المواطنين بفشله وهزائمه واخفاقاته ودفع الكتل البشرية الضخمة للغضب والخروج إلى الشارع ليس هو الدولة والنظام ولا هو الدستور والقوانين والمؤسسات بل هو الحاكم الذي يتسلط على كل تلك الأدوات لصالح القوى الدولية التي ظلت تحرسه وتقدم له الدعم اللازم عبر العقود المتواصلة منذ قيام الدولة الوطنية وتهاجمه وتقتله وتسقطه حينما يخرج عن النص.
ان كل عمل وقول يذهب نحو تحقير الدولة والنظام واستسهال الدعوة لاسقاطه والتنكيل به واستبداله إنما يصب في طاحونة المشروع الأمبراطوري الاستعماري الأستبدادي ويقضي على كل أمل في النهوض والصحوة لشعوب هذه المنطقة لست مع طريقة ولا اسلوب التعامل مع الحاكم العربي بعداسقاطه وابعاده من كرسي الحكم وأبشع نماذجه التي يجري الترويج لها نموذج قتل الرؤساء والقادة المرحوم صدام حسين والمرحوم معمر القذافي وهو أمر مخطط له ومرصود بدقة يدفع بالمواطن العربي نحو التسليم الكامل بعدم قدرة شعوبنا على الأضطلاع بمسئولية واجب وحماية الحرية والسيادة والأستقلال وتسليم تلك المهمة للغير.
ان على القوى الثورية والنخب الوطنية أن تعي وهي تقود الناس في الشارع انه لا يمكن لها الاستغناء ابدا عن النظام الحاكم ودولة المؤسسات وأن أكبر خدمة يمكن تقديمها للعدو إنما هي في أضعاف النظام ومؤسسات الدولة وتحقير سمعة الحاكم كموقع وليس كشخص فضلاََ عن الشك الكبير في الأجراءت العقابية البدائية التي تتخذ ضدالحاكم السابق في ظل ضغط الشارع واستجابة لرغباته الجامحة فأكبر عقوبة يمكن تصورها لأي حاكم برأيي هي فصله القسري عن كرسي الحكم ثم أنه بعد ذلك فلا بد أن ينصرف الناس نحو الأصلاح وإعادة البناء والتنمية والأعمار.
الأثنين 22/ابريل/2019م
التعليقات على الموضوع