كيف استشهد سُكَّرة وكيف اصيب العولقي ؟؟
أدرك مقدما أن كلامي هذا لا يعجب الكثير ممن جلبتهم الفوضى ومنحتهم ألقابا ومناصب ونفوذ واغدقت عليهم بالمال والسيارات والسلاح ..
أسأل وقبل اي شيء : كيف استشهد اللواء سيف سكرة واين ؟ الرجل هنا قائد لواء وليس جنديا عاديا أو ضابطا مغمورا ، وبحسب خبرتي العسكرية المتواضعة المكتسبة من الخدمة العسكرية قبل ربع قرن من الزمن فإن مقتل قائد لواء قتالي لا يكون إلا بعملية استخباراتية منسقة ومن خلال غارة طيران أو سلاح صاروخي أو حتى اغتيال .
وإما أن يكون مقتله بعيد خسارته لمعظم قواته ووصول قوات العدو لمكان إدارته للعمليات العسكرية ، وقد يكون هذا المكان عبارة عن مصفحة حربية متحركة أو في مبنى محصن خلف قوات اللواء المتموضعة في الامام والاجناب وفي أنساق قتالية هجومية أو دفاعية .
طبعا هذا المنشور موجه للقيادات العسكرية ، فالغاية منه تصويب الأخطاء الفظيعة ، واعتقد انه قد سبق وأن اصيب قائد اللواء ٣٠ اللواء هادي العولقي ، ولطف الله ان اصابته طفيفة ، وقبل أيام فقط استشهد شلال الشوبجي .
ومطلع السنة الماضية استشهد قائدان كبيران هما اللواءان صالح الزنداني ومحمد طماح بينما هما في منصة وساحة تدريب وليس في معركة وكان من أولويات هذا الحفل الحماية والتأمين ، وقبلهما أُسر وزير دفاع اللواء محمود الصبيحي ورفيقاه اللواءان فيصل رجب ، وناصر منصور هادي ، وهذا الأسر لا يتم حتى في افلام هوليوود الأمريكية أو بوليوود الهندية ..
اتدرون ما المشكلة التي تدفع بقائد عسكري رفيع الى الأسر أو القتل ؟ أما انها الغوغاء والارتجال واللامبالاة والتهور وأما ان وزير الدفاع بلا جيش وقائد اللواء بلا قوة لواء حقيقية في الواقع العملياتي القتالي ، وشخصيا أرجح السبب الاخير .
فلو أن هناك مكونات الوية حقيقية لما اصيب العولقي أو قتل سُكَّرة ، وغدا سيتبعهم الشنفرة وخالد مسعد وعبد العزيز الهدف وغيرهم من القيادات العسكرية الميدانية التي للأسف فرطت ورمت بكل التعاليم والتقاليد العسكرية أو أنها تجهلها ولا تريد أن تلتزم بها .
فكل واحد من هؤلاء اعتبر القيادة مجرد استقطاعات للمرتبات الشهرية وفقط قوائم اسماء وأسلحة وذخيرة ووجاهة وأطقم ومرافقين وتجنيد للاقارب والابناء والصغار والمغتربين وكبار السن .
واذا كان هناك من استثناء فهو القائد الشهيد اللواء سيف سُكَّرة الذي وللأمانة كان نزيها واحتفظ بعلاقة ود مع مرؤسية والى أن لقي ربه في معركة الخميس ٣٠ مايو تاركاً فينا حزنا عميقا ودهشة من كيفية استشهاده ..
غفل قادتنا الاشاوس انهم قادة من ورق وان الويتهم ليست إلا مرتبات ورتب واسماء جلها في بيوتها وان هذه الألوية ليس لها وجود أو مكان او معسكر .
وهذا ما جعل المعركة تطول اكثر من اللازم ، كما ودفع بهذه القيادة للتواجد في مواضع التماس مباشر مع العدو ، وهذه لعمري لا تحدث بغير حرب العصابات ، أما الحروب النظامية فلها قواعدها واساليبها وخططها وتراتيبيتها ..
فحين نتحدث عن لواء أو محور فذاك يعني أن اللواء يتكون في الجيش الحديث من قوة بشريه لا تقل عن ١٥٠٠ ضابط وجندي ، وهذه القوة موزعة على كتائب وسرايا وفصائل وحتى الحضيرة التي لا يزيد أفرادها عن ثلاثة أفراد .
ولكم أن تتخيلوا قائد لواء يقود فصيلة من عشرة أفراد أو سرية مكونة من ثلاث او اربع فصائل لا غير ، مهزلة واستهتار ويجب تصحيح هذه الوضعية المخجلة .
فدونما وجود الوية حقيقية وبقوامها وتشكيلاتها وقيادتها واسلحتها وتموضعها سلما أو حربا ، فلا تنتظروا غير المزيد من الضحايا ، وغير المزيد من العبث والخراب ، وغير حرب استنزاف طويلة ومنهكة لمن اعتاد خوض الحروب بقوات منظمة وباساليب تكتيكية حديثة وبافراد وضباط مدربون وماهرون في تخصصاتهم .
ومن الاخطاء المنظورة هي بطبيعة مسميات وقصور تكوينات وتنظيم غير تكاملي لوحدات هذه الالوية ، وكذا الاختلال الانضباطي في بنيانها العسكري .
أما الكلام عن محور عسكري في الضالع فأعتقد أنه لا جدوى منه ، لأنه وببساطة ليس موجودا في الواقع ...
اذكر اننا أثناء حرب التحرير ٢٠١٥م كنا قد بذلنا جهودا كبيرة يعرفها القادة العسكريين الذين بحت أصواتهم من النصح والارشاد ، وعندما وجدوا أنفسهم أمام قادة جبهات وكل واحد منهم يخوض معركته الخاصة كان لزاما عليهم التوجه إليهم وكل قائد على حدة ، وبعد جهد جهيد اقتنعوا بضرورة المعركة الشاملة بدلا من المعارك الجانبية والمحدودة التي لم تستطع تحرير ولو موقع واحد بسيط .
وقد تكللت تلك المساعي بتوحيد الفصائل المختلفة وكانت النتيجة أن الضالع تحررت وفي سويعات ، ورغم أن تلك القوات كانت عفوية وكل قوة تتبع قائد بعينه ، إلا أن كل قوة نفذت أهدافها المحددة وهذا هو المهم بالنظر لطبيعة المقاومة العفوية التي افتقرت لا بسط الوسائل والأدوات الحربية والتقنية ..
واليوم وبرغم الكلام عن الوية وأسلحة واسناد جوي ومدفعي وشعبي لا يبدو أن هناك لواء واحد لديه الجاهزية القتالية لخوض معركة تحرير منظمة وحقيقية .
ويزيد الأمر تفاقما عندما تجد العدو يجاريك بمعركة استنزاف وبنفس طويل لأنه ليس في مصلحته خوض معركة مفتوحة ومنظمة وذلك بسبب افتقاره للسيطرة الجوية التي تحمي قواته المسيرة المكشوفة وكذا تعزيزاته ومواقعه .
ما جعله يعتمد تكتيك حرب العصابات ، التسلل ببضعة أفراد ، القنص القصير للأفراد والعتاد ، التلغيم للطرقات والأماكن أثناء الانسحاب ، الكر والفر ، القصف المدفعي العشوائي الهادف إثارة الرعب وتفكيك الجبهة الحاضنة .
وعليه اقدم نصيحتي للقادة العسكريين الميدانيين المتخصصين أو الطارئين ممن اوجدتهم الضرورة ودفعت بهم إلى قيادة كتائب أو الوية ..
أقول لهؤلاء جميعا .. معركتكم الحالية يجب أن تقتصر على التثبت والسيطرة على المواقع التي تم الاستيلاء عليها ، فهذا يحفظ لكم مواقعكم وعتادكم وقبلها جميعا انفسكم وافرادكم ..
ثانيا .. إعادة تنظيم قواتكم واخضاعها للتدريب والانضباط اليومي وفي معسكرات وثكنات ولو بمخيمات بعيدة يتم تنصيبها لاستقبال وملازمة قواتكم ؛ أما الفهلوة وطلبة الله ومعارك الكر والفر فهذه لا تليق بكم أو بنا .
ثالثا : جميعنا يعرف أن هناك آلاف الضباط المتخصصين المؤهلين لخوض حرب جيوش ، ومع ذلك تم إهمالهم وتهميشهم ، رغم أن القائد الناجح بامس الحاجة لقائد كتيبة ولضابط عمليات ولركن فني ولضابط تخطيط أو إدارة أو هندسة أو تموين وسواها من التخصصات التي أهملت عنوة ورغبة في السيطرة والهيمنة الأنانية ..
رابعا : تدريب وتاهيل الشباب المقاتل على فنون الحرب ، بحيث لا تقتصر العملية على الحماسة والشجاعة ، وانما يستدعي أن يكون المقاتل مؤهلا لخوض معركة عسكرية وايا كان نوعها دفاعية أو هجومية أو تصادمية أو اغارة أو كمائن .
فلا يعقل أن نرى الشباب يقتلون وبشكل يومي ولاسباب عادية كان يمكن تفاديها بقليل من التدريب ولدينا كفاءات وخبرات يمكن توظيفها في مضمار إعداد المقاتلين أو المتطوعين أو المجندين الملتحقين بالجيش دونما تتوافر لهم ادني معرفة باستخدام السلاح الشخصي .
ولكم رأينا من ضحايا الأخطاء الناتجة عن نيران صديقة أو هجمات عفوية متهورة أو غيرها من اساليب القتال البدائية وغير مقدرة لأساليب العدو ..
هذه هي مساهمة متواضعة اتمنى أن تجد أذنا صاغية ، علما انه تم تجاوز كثير من الملاحظات الحساسة التي رأينا انها قد تحبط البعض ، كما وقد تستغل وبشكل انتهازي تحريضي لا يخدم الغاية النبيلة المرجوة . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
محمد علي محسن




التعليقات على الموضوع