عجيب أمر هذه الشرعية ¡
عجيب أمر هذه الشرعية ¡
نتعجب جدا من أمر هذه الشرعية واصرارها على استفزاز أبناء الجنوب ، وكأنّ الجنوبيين هم مَنْ انقلب عليها واحتلوا العاصمة وفرضوا الإقامة الجبرية على رئيس البلاد ورئيس حكومته ، فهي لم تُعطِ للضيافة حقها ولا أصولها عندما كانت هذه الحكومة مهاجرة في فنادق الرياض ، فتح الجنوبيون لها صدورهم واحتضنوها ، كما وفروا لها الحماية ، لعل ذلك يساعد على اسقاط الإنقلاب وهزيمة المشروع الإيراني الذي يهددد الأمن الأقليمي والقومي العربي ، ويعمل على زرع بذور الفتنة الطائفية في المنطقة العربية والإسلامية ، وخلق توترات وصراعات داخل هذه البلدان بعد أن عفي عنها الزمن وطمسها التاريخ وصارت في طي النسيان ، وليس حباً فيها ، فهي منذ أن وطئت قدماها قصر المعاشيق لم تتورع في نشر سمومها القاتلة وسهامها المعادية للجنوب ، من خلال دعمها للرموز الفاسدة وتشجيعها للانقسامات ، وتفرجها على معاناة المواطنين ، ولاسيما في مجال الخدمات ، بل وَتُتََّهَمُ رموزٌ في هذه الشرعية بأنها تقف وراء تلك الأزمات والاختناقات التي يشهدها الجنوب بين فترة وأخرى في المشتقات النفطية ، وتاخير دفع المرتبات ، وأنهيار العملة الوطنية وغيرها من المعاناة اليومية التي يتكبدها المواطن ، وكذلك وراء الفوضى الأمنية ، كما شهدت العلاقات بين السلطة الشرعية والجنوبين توترات خلال الفترة الماضية ، بسبب المواقف العدائية لهذه السلطة من كل شيء يتعلق بالجنوب وقضاياه العادلة ، وقد بلغت هذه التوترات إلى حد المواجهات المسلحة وسقوط قتلى وجرحى في مواجهات يناير 2018 م ، في عهد حكومة بن دغر الذي للأسف كان يتعمد استفزاز الجنوبيين لأغراض سياسية كان يريدالوصول إليها ، ولتاريخه السياسي المتناقض ، في بداية نشاطه كان ثورياً مدافعا عن حقوق العمال والفلاحين بقوة ، ثم يتحول ليكون أحد رموز نظام سبعة يوليو الذي دمر الجنوب ، وحول مكتسبات العمال والفلاحين إلى فيد ، وكذلك يريد أن يُزِيْلَ تلك النظرة السلبية التي تكونت عنه أثناء أحداث ثورة الشباب في 2011 م عندما كان أحد اركان النظام السابق ( نظام صالح ) الذي ارتكب الجرائم والمذابح بحق شباب الساحات . اليوم تأتي حكومة الدكتور معين الذي كنا نتوقع أن تكون أكثر حكمة وعقلانية في تعاملها ومراعاتها لمشاعر الجنوبيين وتتجنب استفزازهم من سابقتها ، لكن على مايبدو أن هذا هو نهج من يتحكم في السلطة الشرعية ، فكلما أخفقت في حربها شمالا وجمدت جبهات الحرب هناك ، كثفت من عدوانيتها جنوباً ، وإلا مافائدة إثارة مشروع الأقاليم ، والتطبيل له في الجنوب ، هذا المولود الذي وجد ميتا ورفض من قبل أبناء الشمال والجنوب ، وأُتِّخِذَ ذريعةً للحرب من قبل الإنقلابيين ، وفي نفس الوقت لازال الجزء الأكبر من محافظات الشمال ترزح تحت الإحتلال الحوثي ، وكأن هذا المشروع فُصِّلَ فقط على الجنوب ، ومن المؤكد أن الجنوبيين لن يسمحوا بتمريره على الإطلاق ، ولن يقبلوا بأية مشاريع تنتقص من حقهم في تقرير مصيرهم ، بعيدا عن الوصاية أو التهديد بالقوة . أليس كان من الحكمة والمنطق ، أن توجه الملايين التي رصدت للتطبيل لهذا المشروع ، لحل المشكلات الإقتصادية والرفع من مستوى معيشة موظفي الدولة الذين يطالبون بحقوقهم ، المحاكم متوقفة بسبب إضراب القضاة ، الجامعات متوقفة لإضراب الدكاترة ، والمعلمون يتهيؤون للإضراب ، بدلاً عن ذلك ، عجباً لهذه الشرعية التي لا ترى إلا في الجنوب عدوها اللدود ، بينما الإنقلابيون الحوثيون الذين دمروا البلاد والعباد وزرعوا الخوف والفتنة والرعب ، وجوعوا الشعب ، وانتهكوا الحرمات ، ويتعاملون باستخفاف ولا مبالاة مع كل فرص للسلام ، . و يتحدون المجتمع الدولي والأقليمي ، يُتْرَكُون للسنة الخامسة من دون أن تحسم الحرب ضدهم ، لا لضعف ولا لغياب القوة ، وإنما يعود السبب الحقيقي إلى غياب الإرادة والتصميم .
سيؤن / حضرموت
الإستاذ / فرج عوض طاحس
الخميس 7/2/2019
2 جمادي الثاني 1440 هجرية .
التعليقات على الموضوع