النزوح والله ما أحد من البرايا يقاسي مثل ما يذوق النازح لا شيء يعادل نعمة الأمن والعافية
معاناة نازح ....
بقلم الاعلامي/ علي عميران
النزوح والله ما أحد من البرايا يقاسي مثل ما يذوق النازح
لا شيء يعادل نعمة الأمن والعافية ....
أن تنام في بيتك مطمئن البال على نفسك وأسرتك وظلال منزلك واشجاره تسترك من وهج الشمس الحارقة في هذاالصيف الملتهب نارا تلك نعمة يغبطك عليها كثير ممن ساء بهم الحال وتقطعت بهم الحبال ونكلت بهم الرزايا ...
بين ليلة وضحاها وذات مساء هادئ ألمت الخطوب وضاقت الدروب وجاءت اللحظة التي كن نحذرها ...
بلغت الحرب أطراف قريتي عزاب التي تقبع في سلسلة جبال العود بلاتجاه الشمالي الغربي لمديربة قعطبه محافظة الضالع دون سابق إنذار ...
صحوة بعد رقاد لكنها صحوة على وجع وإفاقة على مأساة ...
قمت بلملمت بعض أغراضي ، تفقدت الاولاد الذي في المنزل رضيع هنا يصرخ وكانه أحس بما يدور حوله
وآخر يدور حول نفسه ...
معاناة نازح......
الام هي الأخرى لاتلوي على شيء...
جاء الصريخ أن قد جاءت الحرب ولا حل سوى الهرب
الهرب من الحرب إلى المجهول!!
الأب لايملك قيمة المواصلات التي ستحمله إلى المجهول
مالذي سيأخذه معه ومالذي سيترك بعده
غنيمات أحاط بها الجوع من كل مكان وفراش ملفوف قد أثرت فيها الشمس حتى لم يعد له لباس وسرير من أخشاب متهالك وسراج لايكاد يضيء أبعد من خطوتين وأشياء أخرى متناثرة في كل زاوية يصعب جمعها ناهيك عن عدم صلاحيتها للاستخدام ....
لكن هذه الاسره كانت تعيش بستر الله ولطفه ...
إن خرج الأب إلى السوق وجد من يعرفه من جيرانه وأقاربه يقرضه إلى حين ميسره !!
الآن إلى أين نسير ؟؟
صوت خافت يتردد في صدر هذا الأب الغارق في همومه !!
لابد من الرحيل فما من خيارات متاحة في مثل هكذا ظرف !!
انطلق على وجهه يدور في القرية المنكوبة ...
كل من فيها يلملم أغراضة يتهيا للرحيل ...
أبصر احد ابناء القريه يحاول جهادا تحريك سيارته التي لم تسر خطوتين منذ أيام ...
وأخيارا تحركت السيارة ورمى اسرته وبعض اخوانه عليها كل ما استطاع حمله عليه انطلق مسرعا نحوهم ....
احملوني معكم إلى أي وجهة تريدون ...
خلصوني من هذا الكابوس !!
التفت أخوه إليه قائلا أسرع وجهز أغراضك وما وسع واحد سيسع اثنين ...
انطلقت الرحلة المكونة من ثلاث اسر وتم حمل ما أمكن حمله على أمل العودة لأخذ ماتبقى إن أتيحت الفرصة ولعلها لا تتاح أبدا !!
في الطريق يلتفت الأب إلى موطنه إلى قريته إلى بيته إلى مهد الصبا إلى الأحلام التي تحوم حول الأطلال إلى الأمنيات المحطمة على بقايا المنزل ....
سفري طويل وزادي لايبلغني ..
ثم يعود الوعي وتحضر الحقيقة الحقيقة المؤلمة إنه الفراق إنه النزوح في أبشع صوره إنه التشرد إنه المجهول لا أكثررررر !!
يسأل أحدهم ؛ أين سننزل وأي مكان سنسكن !!
يجيب آخر؛ لن نبتعد كثيرا لعلنا نعود بعد يومين أو ثلاثة ''
هيهات ... هذه الرحلة قد تطول اشهر إن لم تكن سنوات !!
ينعطف السائق إلى قرية قد تبدوا بعيدة شيئا ما عن الحرب ....
هذه االقرية لمن ؟
هذه قرية اهلنا لن يعترض طريقنا أحد نحن بين أهلنا وإن كنا لا نعرف إلى بعض اهل هذه القرية ''
أوقف سيارته على تل مرتفع يبعد قليلا عن القرية وبدأ الجميع ينزلون أغراضهم !!
لم يأت اليهم إلي البعض من اهالي القريه ولم يلتفت البعض الاخر لهم ...
يبدو أن اهل القرية يتوجسون خوفا من ملاحقة هذا المصيرلهم
على التل الآخر وقفت سيارة أخرى تحمل المأساة ذاتها ...
إن لم يجد النازح شجرة تؤيه من وهج الشمس فإنه حتما سيقعد تحت هجيرها !!
وإن لم يجد خيمة تستره وعائلته فإنه لاشك سيقعد في العراء !!
لاماء لانار لاظل ولا طعام !!
حرب وجوع وتشريد ومخمصة
وضعف حال وإملاق وترويع''
تعجز الكلمات أن تصف الالم وتقصر العبارات أن ترسم الكارثة وتعجز الدموع أن تمحو الأسى من على وجنتي ذلك الطفل البريء وتلك الطفلة الحزينة المنكسرة ...
وتبدأ حياة أخرى ؛
عنوانها : الشوق إلى الديار، والغربة في الوطن، والحاجة مع العفاف، والعوز مع عزة النفس، والثقة بالله الذي لايضيع أجر الصابرين !!
صبرا إخوتنا النازحون ..
صبرا أيها المشردون بلاذنب !
صبرا أيها المواطنون بلاوطن !
صبرا أيها الخائفون بلا مجير !!
صبرا أيها الكادحون بلا ثمن !!
صبرا إخوتنا .... صبرا أحبابنا ... صبرا يعقبه فرج بإذن الله!!فان بعدالعسر يسر.
التعليقات على الموضوع