في معاشيق عدن.. جمعهم الريال وفرّقهمُ الوطن !! بقلم / وهيب الحاجب

في معاشيق عدن.. جمعهم الريال وفرّقهمُ الوطن !!

بقلم / وهيب الحاجب
كَثُر الحديثُ عن المرتباتِ المقدّمةِ لموظفي الدولة من السعودية ، وكَثُرتْ التأويلاتُ والتحليلاتُ أهي بالريال السعودي أم اليمني وكم المبلغ ومتى وأين ولمن ؟ فتعددتْ آلياتُ الصرفِ واللجان والمسؤولون المكلفون ، ومع كل هذا الشطط تتواري القضيةُ خلفً ذلك الريال المُفترَض  وينحسرُ العملُ السياسي ويخفتُ لتتجهَ الجهودُ والأنظار نحو الهامشيات والثانويات والصغائر .
الريالُ السعودي الذي كان بالأمس سبباً في جرِّ كثير من قياداتِ المقاومة والحراك نحو المتاجرة بدماء الشهداء والمزايدة باسم الجنوب والوطنية والنضال هو ذاته اليوم يسعى إلى جرِّ المواطن العادي والعسكري الغلبان والموظف والبسطاء من شعب الجنوب إلى مستنقعِ المزاد والتبعية لمن يدفعُ أكثر .. الريالُ الذي تخلّتْ من أجله قياداتٌ ومقاومون (صغار وكبار) عن مبادئ الثورة الجنوبية هو ذاته يُرادُ له اليومَ أن يكونَ عقدةَ السحرِ التي ستعالج هوس الجنوبيين وشغفهم بالاستقلال وتمسّكهم بتلابيب قضيتهم ، لعبةُ الريال هي وصفةٌ قدّمها للسعودية شماليو الشرعية وكبيرهم "بن دغر" الذي علّمهم السحر كي تغيّرَ الموازين وتحلحل كثيراً من العقد الصعبة في الشارع الجنوبي ؛ وبالتالي إحداث نوعٍ من الفوضى والشوشرة التي يعتقدُ مشعوذو الشرعية أنها ستغير من الواقع الجنوبي وإرادة شعبه وتطلعاتهم نحو الاستقلال ؛ وبالتالي الاستسلام والقبول بمشاريعَ منقوصةٍ كالأقلمة والفدرلة التي يعجزُ كبيرُ المشعوذين وحكومته عن إعلانها وتنفيذها حتى الآن .
إن استغلالَ حاجةِ الموظفين البسطاء والجنود واللعب على ظروفِ المواطنين المحتاجين وحالة الفقَر التي تسحق الشعبَ في الجنوب هي المشروعُ الجديد للعدو وهي الوصفةُ التي ربما يراهن عليها الحالمون لتهدئة حالة الاحتقان الجنوبي المتمسك بقضيته والعازم على استعادة دلته بأي ثمنٍ كان ، وإن هذه الوصفة الليعنة ستؤتي أُكُلها إن لم يفطنْ الجنوبيون مغازيها وخُبثها ويدركوا لؤم من رسموا أبعادها وحددوا بحكنةٍ أدواتِها ومنفذيها وعرّابيها ، وهو فعلاً ما بدا عليه الشارع الجنوبي خلال الأيام الماضية ، إذ صار العامةُ والنخب والقيادات الدنيا في المكونات الجنوبية مشغولين ومهتمين -بشكل مبالغ- فيه بـ"راتب السعودية" وكم المبلغ وما العملةُ ومتى الصرفُ ؟ فيما العدو ماشٍ في مخططاته ، والانهزاميون من الجنوبيين يجرون أذيال الخيبة والانكسار لهثاً وراء الطُعم!!
اجتماعُ قيادات عسكرية جنوبية وشخصيات تنفيذية بالسلطة المحلية قبل يومين في قصر معاشيق بعدن بشأن مناقشةِ آليات صرف المرتبات المقدمة من السعودية يأتي في إطار نجاح العدو في إلهاء الجنوبيين بـ"الصغائر" وشغلهم عن الثوابت وجوهر القضية بالماديات والريالات التي لا تسمنُ ولا تغني من جوع ، فكم كنا نتمنى أن يكون ذلك الاجتماع وتلك اللقاءات بشأن بحث مشروع الحامل السياسي والترتيب له ، وكم كنا نتمنى -نحن العامة- أن يجمعَكم الوطن وتقرّب بينكم القضيةُ وتقاربكم تطلعاتُ الشعبِ ودماءُ الشهداء .. لا أن تتكالبوا على "شوالات" الدراهم أو تتدفعوا بقوةٍ إلى موائدِ الريالات الفانية !!
✍وهيب الحاجب